الدكتور على زيدان فى حوار شامل مع " الجمهورية "

https://www.youtube.com/watch?v=u7BnDO6hd_0&feature=youtu.be

متفائل بانفراج الأزمة الليبيـة رغم الخراب والدمار

المجتمع الدولى مطالب بجمع السلاح وتدريب الجيش والشرطة

أقترح حماية حقول النفط بقوات دولية حتى تأهيل الليبيين

نبتغى مصلحة الوطن  ولا نرتمى فى أحضان الغرب

لست فاسداً ومن لديه مستندات يقدمها للقضاء

الإخوان أقالونى لوقوفى ضد أطماعهم ورغبتهم فى التكويش

حفتر ليس السيسى والمقارنة بين الاثنين ظالمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حوار / هشام البسيونى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدكتور على زيدان رئيس وزراء ليبيا السابق من الشخصيات الليبية التىكان لها دور بارز فى ثورة 17 فبراير التى أطاحت بالعقيد الراحل معمر القذافى وساهم فى الوصول بها إلى بر الأمان بشبكة علاقاته الدولية والإقليمية إلا أنه أضطر لترك المسئولية تحت وطأة ضغوط الإسلاميين شركاء الأمس أعداء اليوم .

 جاء زيارة قصيرة إلى مصر للقاء عدد من المسئولين المصريين واستطاعت " الجمهورية " الوصول إليه وإجراء حوار شامل معه تحدث فيه بكل صراحة عن تهم الفساد التى لاحقته و مصير ليبيا فى ظل الصراع والحرب الدائرة هناك وهل يصبح اللواء خليفة حفتر نسخة مكررة من الرئيس السيسى فى مصر .

فى البداية قلت .. نشعر بالقلق على ليبيا لانها بلد شقيق وجار عزيز على كل مصرى انت شايف البلد رايحة على فين ؟

** رايحة على انفراج والخروج من هذا المازق

* من يتابع تصريحاتك يجدك متفائلاً رغم الخراب والدمار وغياب الدولة تقريباً يا ترى ما سر هذا التفاؤل ؟

* لأننى أعرف أسباب الأزمة ولو كنت فى موقع المسئولية الآن كنت قادراً على تلافيها لأن مرت بنا أزمات أخرى شبيهة فى الماضى  واستطعنا ان نتلاشاها والشعب يعرف هذ الأمر وليبيا تحتاج الى حكمة ورشد وعقل وحسن تدبير ومعرفة اوجاع الناس وهمومها والتحامل معها بحكمة وروية والابتعاد عن التوتير وردود الافعال غير المحسوبة .

د . زيدان فى حواره للبسيونى 

نحتاج الى تفاهم وتسامح مهما حدث فى ليبيا احتراب واستخدام سلاح وبين الليبيين أنفسهم سواء من أعضاء النظام السابق أو الحاليين الفظائع التى ارتكبت فى ليبيا شنيعة لا يتخيلها انسان وبالتالى هذه الوضعية تقتضى إرادة حازمة وفاعلة ومدركة لكافة الأبعاد المحيطة بالمشهد الليبى والقدرة على النفاذ للإرادة المبتغاة والوجهة التى يجب ان يسير تجاهها المركب صحيح انه يسير ببطء وياخذ وقت طويل لكن اذا سار بعقل وترو بروح من الوطن وقيمه ثق هيصل الى هدفه.

 نحن الآن انتخبنا مجلس النواب وسيتولى مهامه وستشكل حكومة وينتخب رئيس للدولة ويحدد الفصل الواضح بين السلطات وتستمر إدارة الدولة الى الأهداف المرجوة بخطى ثابتة وواثقة بعيداً عن التسرع غير المحمود .

* ما فهمته من كلامك ان هناك اتهاماً للنخبة بالتقصير تجاه الشعب الليبى وكانها لا تتمتع بالصفات التى ذكرتها لانتشال الوطن من   أزمته .. هل النخبة لديكم كما فى مصر تسعى دائماً للبحث عن مصالحها فقط ؟

موجود الى حد كبير ومن الصعب تشبيها بالنخبة لديكم لأن مصر فيها نخبة حقيقة اتيحت لها فرص التكون والنشوء وترسيخ نفسها عكس ليبيا لم تتح لها هذه الفرصة من 69 حتى الآن وآلة القمع فاعلة فى قمعها وإبعادها عن المشهد بالكامل .

 مصر منذ العصور المبكرة للنهضة حتى فى عهد عبدالناصر النخبة كان لها مجال .. كان فيه العقاد وطه حسين وكافة المفكرين وكتاب مصر الأوائل كانت جامعة القاهرة تذخر بالكبار مع جامعة عين شمس والجامعة العربية والحراك الاقليمى والدولى ومنظمة العالم الاسلامى وعدم الانحياز كل هذا أوجد زخماً ومحيطاً جعل النخبة المصرية فى موقع يمكنها من إدراك هذا المشهد .

فى ليبيا كان الأمر مغيباً بالكامل من 69 وحتى الآن تتردد مقولة " دوس على الرجعى والخائن واللى ما عنده مبادىء " وهذا إقصاء كامل لكل من يخالف بصريح العبارة وبالتالى عندنا كانت النخبة مقهورة ومبعدة .. الجيش والشرطة والقضاء وكتائب القذافى لها الغلبة والسطوة  .

الحراك السياسى والديمقراطى تراكمى يتعلمه المجتمع كما يتعلم الطفل وهو ثقافة فى الاساس ولابد أن يهيأ المجتمع للعمل المدنى وان تتمكن الأمة من ترسيخ هذه المعرفة والسياسة شىء غير معروف ومعظم النخبة غير مسيسة وحتى لو كانت كذلك فرؤاها حالمة غير واقعية و كثير من تعاملها مع الاحداث تاتى ردود افعال غير مدروسة وغير واعية ولا أريد أن أعمم ولكن الغالبية وهناك بعض الاشخاص فى النخبة لكن وجود القمع الذى مارسه القذافى .

أضف إلى ذلك آلة القمع التى مارستها ثورة 17 فبراير عندما تقصى اكثر من 40 % أو 50 % من الشعب الليبى من اتباع النظام الماضى وتبعدهم عن الأداء وتشفط من مؤسسات الدولة كافة الكوادر التى دربت .

* وهناك من حارب النظام ولكنه أقصى بحجة انه كان يعمل فى الدولة من قبل .

** يا سيدى موظف الدولة ليس بالضرورة ان يكون محارباً .. أنت تريد موظفاً يؤدى عملاً ادارياً وفنيا بكفاءة ..فلماذا أحرم الدولة من الكفاءات .. الدولة فرغت من جميع موظفيها وكوادرها ومطلوب منها ان تؤدى دورها بفاعلية و كفاءة بعشر أضعاف لان حجم الخراب والدمار يتطلب الاستعانة بهذه الكفاءات .

الأمر الآخر .. التجاذب المحموم بين أطراف المجتمع أدى الى ايجاد تباعد وتباغض بين مكونات المجتمع  والتنافر بسبب استعمال السلاح  والحكم المسبق على كل من هو مع القذافى لا يصلح إضافة الى الانتهازيين الذين تلحفوا بعباءة الثورة وباتوا يبتزون الجميع لجنى المنافع والمكاسب واقصاء الناس من اجل الا يكون لهم دور فى المجتمع ما ضيع الفرصة علينا للاستفادة بهؤلاء .

القضية قضية وعى ثقافى ومجتمعى لتحقيق انجاز للوطن على مدى طويل وهذا يحتاج وقتا ولا يمكن ان تنهى 3 سنوات ما أفسده 42 عاما او اصلاحه من قبل الحكومة فى 15 شهراً وهى محاطة بالتحديات والقنابل والسلاح والتهديد والشتم ومن يحمل السلاح غير واعين ويتسمون بقدر كبير من الجهل وعدم معرفة ويريدون ان تحقق لهم مكاسب مالية باسرع ما يمكن يرون فى الدولة مجال للابتزاز   والنهب .

* فوز التيار المدنى بمعظم مقاعد البرلمان يراه البعض أن الشعب صحح الخطأ كما حدث فى مصر حينما جاءت انتخابات ما بعد الثورة بالتيار الاسلامى الذى ظهر انه إقصائى وحارب رفقاء الثورة الى أى مدى هذا التحليل سليم ؟

** هذا يؤكد وعى الشعب الليبى والتيار المدنى فالشعب الليبى مسلم بطبيعته ومعتدل فى اسلامه لا يقبل التطرف ولا الشطط انت تعرف شمال افريقيا بكامله كان اسلامه اسلام مالكى وفيه حضور للصوفية الى حد كبير والصوفيه فيها شىء من اللين والمرونة واللطف فى التعامل مع المجتمع وبالتالى لم يكن عندنا الغلو والشدة كما فى المجتمعات الاخرى واوجدت هذا التيار المتطرف .

الشعب الليبى شاهد ما حدث فى مصر وتونس والجزائر والسودان الذى انقسم ويرى ما يحدث فى اليمن من احتراب وسوريا .. الشعب الليبى بالنسبة للاسلام ليس محل اختلاف والاسلام دين الدولة والمصدر الرئيسى للتشريع واى امر مخالف للاسلام الليبيون يرفضونه والمشكلة فيمن يأتى ويقول ان اسلامه افضل من اسلامك وانا اتقى منك واورع منك وقادر على قيادة الدولة لان اسلامك   قاصر .

والشعب يرفض وصاية اى شخص بالدين لأن الدين مشاع لكل الناس تلتقى حولة الامة ولا فضل لواحد على الثانى ومن يحاول ان يكون وصياً على الاخرين سيتم رفضه تماماً رغم انه قد يكون يصلى معك فى نفس المسجد .

غير الصلاة والبيّن من العبادة فالباقى بين العبد وربه أما أن تاتى وتمتطى الإسلام وتفرض عليهم ما تريد فغير مقبول وبالتالى كانت ردة الفعل رفضاً تاماً وقالوا لا نريد الاخوان او المتطرفين ومن يظنون انهم بفوقية وتعال على الآخرين انهم افضل من المسلمين الاخرين ويحكمونهم رغم أنفهم .

هذا ما يقوله المتطرفون انهم لا يريدون ديمقراطية او انتخابات لاننا نطبق شرع الله من يقبل بذلك يقبل ومن لا يقبل سنقتله وهو جاهل بشرع الله لو سالته فى بعض احكام الدين لن يجيب عليك لا يعرفون حتى اللغة العربية

* بدليل ميكانيكى أعلن امارة فى منطقة من يومين

** نعم نعم

آمال الليبيين على حفتر

* سؤال مهم الناس وضعت آمالاً على اللواء حفتر وواضح أن هناك انتكاسة فى عملية الكرامة هل هرب فعلاً ؟

** لا لا .. موجود فى ليبيا ولم يهرب

* البعض كان يشبهه بالرئيس السيسى هل تتفق مع هذا الرأى ؟

** لا يمكن .. هناك فارق كبير .. فالرئيس السيسى شخصية عسكرية محترفة لم يغادر الجيش بقى فيه حتى خلع البدلة العسكرية حتى الرئاسة والتقيت به عدة مرات ويعرف قدر نفسه  يتسم بالتواضع ومسيج برفاق سلاح وضباطه وفى كل لقاء به كان معه 5 او 6 من القادة الأسلحة والجيش .

عندما تتحدث اليه يستمع واحيانا تراه كالتلميذ يريد ان يعرف كل شىء وهذه ميزة لا يتمتع بها اى شخص وهذا ليس مدحاً او اطراء ولكن هذا رأى قلته قبل ان يصل للرئاسة ومن الظلم مقارنته باللواء خليفة حفتر و حقيقة لا أريد أن اتكلم فى حق اللواء حفتر بسوء لكن ..

*  هنا قاطعته وقلت يبدو ان حماسك فتر من ناحيته

** أنا لست متحمساً له من الأول

* لكنك أعلنت دعمك لعملية الكرامة التى يقودها

** ساندت الحراك لان هذا الحراك كان عاماً ينبغى ان يتبناه الشعب الليبى وان تحتويه الحكومة وتحت مشروعية الدولة ولم يستمعوا الكلام لانهم ليسوا ساسة ولا يمتلكون بعد نظر واستقراءً للمستقبل .

* هل كنت تفضل أن تحتضن الدولة هذه الحركة ؟

نعم كنت أتمنى ذلك ولكن للاسف لم يعد فى الامكان الآن بعد الاقتتال والخراب الذى دار وبعد انتخاب مجلس النواب سيكون فيه حكومة ووزير دفاع جديد ورئيس اركان ويجب التشاور ودراسة هذا الموضوع دراسة جيدة لان الموضوع أصبح مثار جدل بين الناس .

صحيح ان اللواء حفتر مرحب به فى منطقة بربقة لكن فى مناطق اخرى حوله جدل كبير كشخص والمسالة ليست بهذه البساطة والرجل لا نشك فى اخلاصه ووطنيته ونامل ان يعى المشهد بكيفية تمكنه من الاستفادة مما يحيط به من الوصول .. وبعدين هو بلغ 73 عاماً ورغم انه يتمتع بالعافية والصحة الا انه من الصعب ان ترجعه من جديد ضابطاً عاملاً فى الجيش فهذه المسالة غير ممكنة .

* مع ذلك .. كثير من ألوية وكتائب الجيش انضمت له مثل الصاعقة وبعض الأسلحة المهمة

** يعنى انضمت له بتصرف ليس انضماماً مطلقاً لأن عندنا رئاسة أركان ووزارة دفاع وعندنا فى بنى غازى أيضا غرفة أمنية مشتركة تتبع رئاسة الاركان

* وأين كل هؤلاء من الحادث فى ظل سيطرة من يطلقون على انفسهم ثوار وكتائب الاسلاميين ؟

**  لدينا جيش واحد ولكنه بحكم أن جاهزيته لم تكن قادرة حتى الان على استيعاب المشهد اجتهد فى تكوين غرف امنية مشتركة مع كافة المكونات الامنية الاخرى فى المنطقة حتى تتعاون جميعا على مستوى الاجهزة الاستخبارية وجمع المعلومات والأمن الجنائى والشرطة .

الصاعقة تم تشكيلها منذ فترة طويلة على يد عبدالفتاح يونس ولازالت موجودة لكن للاسف شانها شان الجيش لم تطعم بدماء جديدة وجنود وتدريب ومعدات فاصبحت غير فعالة

* على ذكر اللواء الراحل عبدالفتاح يونس وقتله على يد الثوار وما حدث معك أيضا حتى اضطررت للخروج من ليبيا هل هذا يؤكد مقولة ان الثورة تأكل اولادها ؟

** لا غير صحيح .. من قتل يونس إرهابيون من خارج الثورة انتقاماً منه

** لكن فيه كلام معلن ونشر أن كتائب من الثوار شاركت فى قتله

* لا أسميها كتائب من الثورة .. الثورة انطلقت عندما كانت النساء يهتفن فى بنى غازى " تورى .. تورى .. يا بنغازى " .. قام بها الشعب والثوار وأشعلها التيار المدنى والمجتمع المدنى وجاءت التنظيمات الإسلامية فقفزت على القارب الثورى بعد قيام الثورة وبعد إنطلاقه بمسافة وحاولت ان تركب الموجة وتنتهز هذه الفرصة والآن تحاول ان تفرض نفسها بالقوة والسلاح وتستعين بقوى اخرى والشعب الليبى الان قرر الا يكون أمر الا بموافقته واى شىء لا يتفق ومصلحة الشعب لن يكون .

* فيه تخوف ان يتحول الصراع ما بين فصائل وتيارات اسلامية ومدنية إلى صراع قبلى ألا تخاف من هذا الامر؟

**  لا أخشى من هذا الأمر ولن يحدث صراع قبلى وما يحدث الان مقدور عليه والقبائل الليبية الاصيلة تحكمها اعراف عربية اصيلة وتقاليد كفيلة عندما تتقابل الوجه للوجه يتم تلافى هذه المشاكل والاشكالية هى تغلغل التطرف فى بعض المدن لتسخير قوة هذه المدن لصالح بعض الفئات وانت تنتمى لمدينة وقبيلة معينة وحزب إسلامى او جماعة اسلامية ما يجعل الأمر يختلط فى دعم هذا الشخص من خلال القببيلة وينسون ان هذا الشخص احيانا يكون ضد قبيلته وفى النهايى مصلحة الدولة هى الاساس .

* أعلم أنك التقيت بمسئولين بارزين فى الدولة هل يمكن أن نعرف مع من التقيت والمباحثات التى تمت معهم ؟

** بدا متحفظاً فى الاجابة لكن بعد إلحاح اكتفى بالقول .. التقيت بالعديد من المسئولين على رفع المستويات وهناك تواصل مستمر معهم للتشاور والتناصح بما فيه مصلحة البلدين سواء كنا فى موقع المسئولية او لسنا فيها ولدينا التزام وطنى واخلاقى بدعم العلاقات الثنائية ما يحقق لها الانطلاق .

* هل طلبتم دعماً معيناً ؟

** هذا الطلب تطلبه الحكومة وانا فى الحكومة طلبنا أشياءً كثيرة وعملنا جملة من الاتفاقيات والتنفيذ يحب ان يتم من خلال الدولة والحكومة .

* هذا مفهوم لكن اظن ان انشغال الدولة ببعض المشاكل عندكم يجعلهم يتستثمرون حرية الحركة لديك لتبنى بعض المطالب خصوصا ان لديكم علاقات وثيقة وجسر مع المسئولين هنا

** هناك مطالب طرحت فعلاً ونسعى لاستئناف العمل من اجل تفعيل العلاقة مع مصر وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وكما قال الرئيس السيسى السبت الماضى مع رئيس وزراء ايطاليا سنحارب الارهاب بالاقتصاد والتنمية وبالسلم طبعا من اجل دعم هذه العلاقة بالتعاون الاقتصادى الايجابى ومختلف المناحى لان تفعيل هذه الامور يجعل هناك حركة بين البلدين ما يوجد رواج وفاعلية تطور العلاقة ٍ

* قلت ان الازمة الحالية يمكن حلها لو توفرت الارادة وبما ان الارادة غائبة هل التدخل الغربى اصبح امر واقع خصوصاً أن دبلوماسيين ليبيين طلبوا هذا صراحة فى المحافل الدولية ؟

* أنا أقول التدخل الدولى والمجتمع الدولى لابد ان يتدخل والمجتمع الدولى ليس الغربى فقط عندما تدخل الناتو هناك دول عربية ساهمت اسهاماً مباشراً فى هذه العملية مثل الامارات و الاردن والجامعة العربية أعطت غطاء  فالمسألة ليست تدخل غربى لان الغرب أنفسهم لا يحبون ان يتدخلوا بمفردهم فى هذا الموضوع بل على العكس التدخل العسكرى ربما لا يحبذونه .

وقالوها صراحة نحن نساعد فى أمور كثيرة إلا العسكرية وبالتالى لا ينبغى لأى كان أن ينزعج من هذا الأمر لأن أمريكا عندما تدخلت فى العراق أو فى أفغانستان أو الصومال وجدت نفسها فى ورطة لم تستطع الخروج منها وبالتالى وكافة السفراء الغربيين قالوا لا تفكروا فى التدخل العسكرى

* طلبتم صراحة منهم بالتدخل ورفضوا ؟

** ليس طلباً .. لكن تحدثنا فيه فى وجود بعض السفراء

* نقول جس نبض ؟

** ليس كذلك .. نحن نتعامل مع الدول الغربية الخمس أمريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا كشركاء نطرح كافة المواضيع ونتداول وما هو الأنسب وما هو الأصلح وأيضاً كان السفير المصرى موجوداً من ضمن المجموعة التى تشارك فى هذه النقاشات ونحاول قدر المستطاع ان نصل لرؤية مشتركة فيما هو فعال وما هو إيجابى سواء الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوربى أو مصر أو تونس أو حتى تركيا وبعض الدول الأخرى كانت موجودة فى مؤتمر دول الجوار لكن فى النهاية لن يتحقق الا الأمر الذى يتم عليه التوافق وتوافق عليه الحكومة الليبية ولن توافق على أى أمر لا تراه صالحاً للدولة والشعب .

* ما هو حدود الدور الذى يمكن للمجتمع الدولى أن يلعبه فى هذه الظروف ؟

** أول شىء .. تجميع الأسلحة والمشاركة الفعلية فى جمع السلاح  من الأطراف المتحاربة .. الآن لا تستطيع قبيلة أن تقول إن هذا السلاح من أجل الدفاع عن الثورة .. السلاح الآن استعمل فى تدمير الدولة ومقدراتها ومكوناتها ويجب ألا يكون مع أفراد والمليشيات خارج سلطة الدولة .

ثانياً إعادة تنظيم الجيش والشرطة وتنظيم دورات تدريبية وتأهيلية للجيش والشرطة بالكيفية التى نستطيع ان نجتاز من خلالها حماية هذا الوطن واذا اقتدى الأمر أن نأتى بقوات لحماية المطار والمرافق العامة وادراتها وإبعاد الليبيين عنها وترك العسكريين المحترفين من الليبيين فى المرافق حتى يتعلموا من هؤلاء الناس فهذا شىء مهم وهذا وارد .

حقول النفط إذا وجدت أن الليبيين سيختصمون عليها ..وجهة نظرى أن نأتى لها بقوات تحميها إلى حين تدريب قوات محترفة ونبعد قوات حرس المنشآت النفطية لأنهم أصبحوا مشكلة فى ليبيا .

المسألة لابد ان تكون هناك أدمغة وعقول تستشرف هذه الأفكار وتحققها وتصم آذانها عن كافة الانتقادات و " التلوك " الذى لا يحقق أى نتيجة لأنك تريد أن تنجز عمل ونحن فى الحكومة الماضية تعاملنا وحاولنا أن نسايس المؤتمر الوطنى العام ونجاريه من اجل ألا ينفلت الأمر لكن المؤتمر العام انتهى وجاء مجلس نواب .. وسيكون فيه  تفهم .

* أفكار جيدة لكنى شعرت أن هناك تخوف من جانب السياسيين بأن يتهموا من بعض الليبيين بأنكم ترمون أنفسكم فى أحضان الغرب ؟

** إطمئن .. لا أحد فى ليبيا يفرح بأن يضعها فى حضن الغرب وأنا أريد .. رجل الشارع الذى قد لا يفهم اعتبارات السياسة والعلاقات مع الدولة .. نحن دولة الآن كدنا أن نكون فاشلة .

* قاطعته .. أليست فاشلة الآن ؟

** تكلم بضيق قائلاً .. يعنى أتمنى ألا أقول هذه الكلمة عن بلدى وكدنا أن نكون كذلك وأقول لمن يردد كلاماً عن الخوف من الارتماء فى أحضان الغير .. على ماذا تخافون .. " انت خايف على ايه " .. نريد أن نساعد أنفسنا للخروج مما وضعنا أنفسنا فيه .

* الحقيقة أنا معجب بلغة الصراحة التى تتحدث بها وهذا يدفعنى لسؤالك هل هذه الأفكار تم طرحها بشكل رسمى على الدول التى ذكرتها ؟

** هذه لغتى مع كل من أتحدث إليهم سواء فى أمريكا وفرنسا وبريطانيا ونطرحه بكل صراحة معهم

* هل وجدتم استجابة ؟

** استجابة محدودة .. ولو فيه استجابة لتم .. لكن المسار الدبلوماسى تراكمى ولابد أن تثابر وتثابر حتى تصل للأهداف وعندنا نموذجان سياسيان عربيان الرئيس الحبيب بورقيبة والرئيس أنور السادات شخصية رائعة لهما تجارب فى فن الدبلوماسية المتراكمة والمثابرة للوصول إلى الاهداف التى تحقق مصالح الوطن ولو كان استمع العرب إليهم فى حينه عملاً بمبدأ " خد وطالب " .

لا تيأس وهذه الفلسفة أؤمن بها تماماً .. لأن العند يؤخر الأمم ولن تستطيع أن تحصل على كل ما تطالب به أو تريده .. وعندما حذرت قادة المؤتمر الوطنى من شهور سابقة وقلت لهم بالحرف " أنتم ماشيين البلاد فى داهية " لم يستمعوا لهذا الكلام حتى وصلنا لما نحن فيه الآن وربما يتكرر فى الكثير من البلدان العربية وفى ليبيا مرة أخرى إذا أخذ رأى العقليات التى تفكر بأرجلها وليست بعقلية السياسى بل بعقلية رجل الشارع .

* يقولون المواطن عايز كدا ؟

** لو سرنا وراء هذه المقولة ما تفدمنا قيد أنملة ولن تتكون حكومات وبرلمانات وصحافة ورأى عام ومجموعات برلمانية وهذه المؤسسات تتفاعل من أجل إيجاد نتاج يحقق المصلحة لأن المواطن الفرد لا يدرك كل أبعاد المشكلة وهناك معلومات دائماً غائبة عنه وإذا أدرك فتكون معلوماته قليلة عكس السياسى الذى يطلع على المشهد من كافة جوانبه وبالتالى سيراعى جميع الأبعاد عند اتخاذ القرار الأنسب الذى يتطلب عقلية تعمل 24 ساعة وتضع احتمالات لأسوأ الفروض وكافة الإحتمالات .

* أبرز الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة ؟

** لم تطرح أسماء حتى الآن

* لكن من تراه يصلح لتولى المسألة ؟

 ** صعب أن أطرح أسماء الآن لأننى عندما أزكى أى شخص فهذه دعاية .

* نظام القذافى حورب ووجه بأنه كان فاسداً ويقوم على فرد وتسلطه ألا ترى أن هذه الممارسات استمرت ولا تزال بعد ثورة فبراير وأنت شخصياً تطاردك بعض الاتهامات أو الشائعات إن جاز لى التعبير بأن الناب العام الليبى وجه لك اتهامات بالفساد؟

عندما سألت هذا السؤال تخلى الرجل عن هدوئه وكأنه كان ينتظره للدفاع عن نفسه وتبرئة ساحته ..قال .. هذا الكلام الذى يتردد عن الفساد غير صحيح على الاطلاق والنائب العام لم يتهمنى بالفساد .

* من صاحب مصلحة فى هذه الادعاءات كما تقول ؟

** أقولها بصريح العبارة أتحدى وأتحدى وأتحدى .. والاخوان هم من أطلقوها لأنهم عجزوا عن إيجاد شىء وهم من أصدروا وصدروها وروجوها عير منابرهم وقنواتهم والجزيرة والاذاعات الاخوانية التى يمولونها لأنهم وجدونى حجراً عثرة أمامهم لأننى أفهمهم جيداً وأتعامل معهم بالطريقة التى يفهمونها وحاربونى ولا يزالون ولا أكترث بهم أو بحربهم .

ضميرى مطمئن ومستريح وأقوم بدورى الوطنى كما ينبغى ومن لديه مستندات ضدى فليقدمها للعدالة ثم انا تركت رئاسة الوزارة واذا كانوا يملكون شيئاً والوزارات موجودة لو فيها فساد لماذا لا يقدمونه للنائب العام وجهات التحقيق والذى أقيل رئيس الحكومة فقط .. والحمد لله صفحتى بيضاء وليفعلوا ما يفعلون وأؤكد لك وأكدت مراراً وتكراراً بأنه لا يوجد فساد بالمطلق خلال فترتى " واللى عنده وثائق أو مستندات .. الله لا يسترهم بصوفة و لا بشعرة لا دنيا و لا آخرة إذا عنده شىء على ولم يبرزوه .

* لماذ أُقلت إذن ؟

** أُقلت ليس لأنى فاسد لكن لأننى كنت أقف أمام طموح الإخوان وأتباعهم فى ابتلاع الدولة وأمتلك مشروعاً وطنيا ليبيا بحتا ولا آخذ تعليمات من المرشد ولا تعليمات من الدولة التى " يميننا أو شمالنا " . وقناعتى تنطلق من المصلحة الوطنية الليبية البحتة وحتى علاقاتنا فى الخارج تأتى ترجمة لهذا الإيمان بمصلحة الدولة وهو ما دفعنى للمجىء لمصر فى تلك الفترة رغم الانتقادات لأن مصلحة ليبيا تقتضى هذا رغم ما حدث من تغيير وأيضا ذهبت إلى الجزائر فى وقت مبكر والنيجر وتشاد والسودان وكلها كانت متهمة بالتعاون مع القذافى .

المسألة ان هناك ناس تجردوا من القيم الرفيعة التى ينبغى ان يتعامل بها الساسة المتحضرون الذين يجب أن يحترموا أنفسهم وخطابهم وصلاتهم ويروا دائماً أن الشريك السياسى لابد ان يحترم حتى لو أصبح خصماً فقد يكون فى يوم من الايام حليفاً ومتآلفاًوشريكاً فى السلطة فدائما لابد من الابقاء على شعرة معاوية والحفاظ على ان تبقى العلاقة بين مختلف الفرقاء السياسيين متواصلة رغم الخلافات والاختلافات وأنا لا أخشاهم .

* الحقيقة مواقفك معروفة قبل الثورة ولا أحد يزايد عليك

** وهى نفس المواقف حتى الآن وبعد انتهاء نظام القذافى أعلنت وقلت إننى رئيس وزراء حكومة لكل الليبيين بمن فيهم أعضاء كتائب القذافى وعندما رأيت أن زوجة العقيد القذافى تعانى من مرض وتريد الذهاب إلى ألمانيا خاطبت وزير خارجية ألمانيا وطلبت منه أن يمنحها تأشيرة حتى يتم العلاج .

ولو إنى فى رئاسة الحكومة لقررت علاجها على حساب الدولة الليبية فى الخارج وسيدنا عمر ابن الخطاب عندما جاءه يهودى لطلب المساعدة قال له أخذنا منك الجزية فى شبابك أنتركك فى شيخوختك .. وهذه قيم غسلامية يجب أن نتمسك بها مهما اختلفنا ولكن أنت باسم الاسلام تعادى شخصاً وتستبيحه بالمطلق وهذه مسألة مرفوضة .

وعندما قلت " السيدة صفية " اعترضوا كيف تقول سيدة فقلت لهم إن والدى علمنى عدم سوء الأدب وأن أخاطب كل إنسان باللغة التى يبنغى أن أخاطبه بها وهذه سيدة نعرفها ونعرف قبيلتها ويجب احترامها والآ تؤخذ بجريرة زوجها وأى مواطن حتى لو كان مجرماً ومحكوماً عليه هو مواطن له حقوق وبرىء حتى تثبت إدانته .

وأقول مجدداً أن عناصر النظام تلموجودة فى مصر وليبيا و تونس ومحتلف أنحاء العالم موطنون ليبيون ينبغى أن نعاملهم بكافة حقوق المواطنة إلا من ارتكب ما يستحق عليه المحاكمة أو الملاحقة القانونية وهذا ليس من تخصص الحكومة ولكن من جهاز القضاء الذى هو فوق الشبها .

* على ذكر دا وفى فترة حكمك لماذا تركت سيف الاسلام القذافى فى حوزة الكتائب التابعة للزنتات وهم خصوم ولا علاقة لهم بالسلطة التنفيذية ؟

** نحن فى ليبيا يا سيدى نتعامل مع كافة القضايا معاملة خاصة بمعنى .. الحرب عندما  قامت أثناء الثورة .. هناك مجموعة من السجناء عند الزنتان ومصراته وبنى غازى تحت الجيش ومجموعة فى قاعدة المعيتيقة .

* لكن الدولة نفسها غير مشرفة وهذا غياب لها ويخالف ما قلته عن الحقوق ؟

** هناك بعض الأمور لا تشرف عليها لأنها غير مهيأة فى ظل الظروف الراهنة .. وإذا كانت الدولة والشرطة القضائية غائبة ووزير العدل يبحث ما يسمى " الريق الجاف " بسبب عدم وجود مخصصات لاطعام السجناء وتوفير الاغذية لهم ولا يجده بسبب تلكؤ موظفى الدولة والاجراءات العقيمة وعرقلة المؤتمر الوطنى العام للإنفاق فى الدولة .

لم نستطع أن نبنى السجون وهذه الأشياء كلها نريد تخصيص أموال لتلافيها .

* هل أنت متفائل من أن يتلافى البرلمان الحالى أخطاء المؤتمر ؟

** البرلمان الحالى مهمته تختلف لانه يجب أن يشكل حكومة قوية وتفعيل الميزانية التى تم إقرارها .

* طب الاتهام للمؤتمر الوطنى ايه طالما كله مقر ؟

** المشكلة ان المؤتمر كان يريد التكويش .. يقوم بالعمل التشريعى والتنفيذى .. " شلة " متطرفة تريد استغلال فرصة وجود المؤتمر  للسيطرة على مراكز الدولة ومفاصلها للاستيلاء عليها وتوجيهها كام يريدون وهذا هو الخلل لان هذه الرغبة سيطرت على المؤتمر وتسببت فيما وصلنا إليه الآن من تناحر وانقسامات كنا فى غنى عنها

* وأنت تتحدث أتخيل أننى أمام شخص مصرى يحكى عما حدث عندنا من رغبة فى السيطرة والتكويش .

** كما حدث عندك بالضبط .. طبعاً إذا فئة معينة تريد ان تستحوذ على مقدرات الوطن وتعطى رسالة واضحة إما أن نحكمكم أو نقتلكم أو نتسبيحكم واذا لم ترضخوا سنستخدم ضدكم كل الأسلحة .. ما الذى جعل الشعب المصرى يهب ويثور ضد هذا الأمر .. ما الذى جعل الجيش ينحاز للشعب فى النهاية لأنهم رأوا أن البلاد ستضيع وتخيل أن الشعب المصرى لم يتحرك والمشهد استمر قبل تحرك الجيش كان الوضع أسوأ من ليبيا واشتعلت حرب أهلية أسوأ مما يحدث فى سوريا خاصة وأن الاستقطاب كان شديداً والجميع متشبع بالغضب والانفعال