الثلاثاء، 26 مايو 2009

وطنية الوطنى

إبراهيم عيسى

من أول السطر

هل يمكن أن تتوقف الأيادي البيضاء في جهاز أمن الدولة عن دفع البعض إلي إقامة دعاوي قضائية تافهة وبلا معني وبلا سند قانوني وبلا هدف سوي الضغط علي أعصاب دكتور سعد الدين إبراهيم بعد حكم أمس ببراءته، والذي أعرف وتعرفون أن البعض سيزعم أنه أحد الأثمان المطلوبة من النظام المصري للحصول علي ثقة إدارة أوباما ؟

أري وأتابع وأسمع كل يوم تقريبا طنينا مزريا في رذالته، سخافته وافتقاده أبسط قواعد الأخلاق أقول الأخلاق، لا أخلاق المهنة ولا أخلاق الفرسان.. بل الأخلاق عموما.. ضد دكتور سعد الدين إبراهيم.

تعالوا إلي حقائق أساسية قد تجعل هجومكم علي سعد الدين إبراهيم أفضل وأكثر احتراماً واحترافاً:

1- دكتور سعد عالم اجتماع مشهور عالميا ومرموق دوليا ولا يقل في علمه وشهرته ومكانته عن دكتور أحمد زويل مثلا والمثال للتقريب وليس للمقارنة، وهو موضع احترام في كل أرجاء العالم سواء لعلمه أو لجهاده من أجل الديمقراطية في العالم العربي ومصر قطعا، إنكار هذه الحقيقة محض عبث، وتجاهل هذه الحقيقة إنما يعبر عن كراهية للرجل تعمي القلوب قبل العيون وتصبح مشكلة صاحبها وليست مشكلة سعد الدين إبراهيم.

2- دكتور سعد من المنصورة «دقهلية» ويحمل الجنسية الأمريكية، والأمر لا هو بالعار ولا هو بالشنار، وإلا توقفوا عن التهليل الموسمي للدكاترة أحمد زويل، ذهني فراج ومجدي يعقوب وغيرهم علي أنهم علماء مصر في الخارج ومعظمهم من حملة الجنسية الأخري، والغريب كذلك أن عشرات من أبناء الكبار في بلدنا يحملون جنسية أمريكية أو كندية مثلاً إلي جانب الجنسية المصرية (...) . ومع ذلك فالتدليس الرسمي هو الهجوم علي سعد دون غيره، بل من غيره شخصيا من حملة الجنسية الأخري، ثم إن الدكتور سعد الدين إبراهيم حاز الجنسية الأمريكية أثناء فترة دراساته العليا في أمريكا بعد أن سحب منه الرئيس جمال عبد الناصر الجنسية المصرية (...). فكان طبيعيا أن يحصل علي جنسية أمريكية خصوصا وقد تزوج من أمريكية (أسلمت وسمت نفسها «بركة» بدلا من اسمها الأمريكي «بربارا»، وهي كذلك واحدة من النساء العظيمات في حبها زوجها وعشقها لمصر) وقد عادت الجنسية المصرية لسعد إبراهيم في عهد الرئيس السادات.

3- كم من مصري بلا جنسية أمريكية يعمل خداما للسياسة الأمريكية ويعبد أوامر الأمريكان، بل يتحالف مع الصهاينة ضد الفسلطينيين.

4- تنطلق الحناجر في الهجوم علي تخصيص أموال من المنحة الأمريكية لمركز ابن خلدون الذي يديره دكتور سعد الدين إبراهيم، بدعوي أن هذا تدخل في الشئون الداخلية رغم أن المعونة ذات نفسها تشترط صرف مبلغ أضعاف ما حددته لمركز سعد الدين إبراهيم لرجال أعمال مصريين من أمانة السياسات ومن رجال جمال مبارك شخصيا ويحصلون كل سنة علي حصة من المعونة بالسنت والدولار، والسؤال: إشمعني لا تعتبر الحكومة تخصيص المعونة الأمريكية لرجال أعمال تدخلا بينما تنفش ريشها علي دكتور سعد؟! هل لأن الأخير يدوش دماغنا بالكلام عن الديمقراطية بينما الآخرون بتوعنا وزيتنا في دقيقنا؟!.

5- الذي أفهمه أن الاتهام بالعمالة يعني اتهاما بالتجسس وتوجيه هذا الاتهام تحتكره جهة وطنية واحدة في مصر وهي جهاز المخابرات العامة، هي وحدها دون غيرها التي تملك أن تتهم فلانا بالتجسس، وساعتها يذهب للمحاكمة وقد يكون بريئاً وقد يكون مذنباً، أما أن يتحول بعض المتصاغرين من رابطة محبي الأجهزة الأمنية إلي إقامة قضايا وتقديم بلاغات للنيابة وتحولها النيابة في غرابة مذهلة ومثيرة للاستنكار إلي المحكمة وكأنها سبهللة، فأي عابر سبيل يقدر علي اتهام أي مفكر أو معارض بالعمالة ثم يصدر حكم ابتدائي، الله وحده يعلم عمَّن صدر فعلا ولماذا وبناء علي إيه بأن فلانا عميل ؟ ما هذا الخطل، وهل كي يتقرب ضابط لرؤسائه أو محامٍ لضابط أو شخصية متهمة بالفساد تتودد للدولة يترخصون لهذه الدرجة ؟

6- سعد الدين إبراهيم يهاجم سياسة النظام المصري ولا يهاجم مصر، ومصر ليست النظام ولن تكون، مصر أكبر من النظام وأهم من أي واحد فينا كبيراً كان أو صغيراً، ومصر لا يحتكرها أحد وسعد الدين إبراهيم يدعو للديمقراطية في مصر، لا هو كَفَرَ ولا أراد لمصر سوءاً حتي تمنعوه عن دخول بلده وعن الحياة في وطنه، فهو بلدنا جميعاً وليس بلد الحزب الوطني!

7- دكتور سعد الدين إبراهيم مفكر له أخطاؤه وخطاياه ومحاسنه وفضائله، تختلف معه وتتفق، تعارضه وتوافقه، تحبه وتكرهه، تتغاظ منه ويفرسك أو تحييه وتهلل له، ترتاح لتصرفاته وأفكاره أو يلعب الفار في عبك مما يقول، كل هذا ممكن لكن الشيء الوحيد الذي لا يملكه بني آدم فيكِ يا مصر هو التشكيك في مصرية ووطنية الرجل..أو أيّ رجل!

الدستور 26 / 5 / 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق