الأحد، 21 يونيو 2009

ملاحظات عن إيران

بقلم عزمى بشارة ـ الشروق 20 يونيه 2009

< النظام الإيرانى نظام شمولى، وليس مجرد دولة سلطوية. إنه نظام مركزى قوى ومتطور فى نظم الإدارة والرقابة، ويحكم بموجب أيديولوجية تدعى أجوبة على كل شىء، وتتوق إلى أن تتخلل كل نواحى الحياة، وبدل الحزب وتنظيمات الشباب يعتمد على تنظيمات واسعة تجمع بين الأمن والأيديولوجيا وحتى المنفعة لفئات واسعة من السكان، خاصة عبر الـ«باسيج». كما يعتمد على شبكة واسعة ومنظمة من الملالى. وعلى تسييس أجهزة الأمن والحرس الثورى. ولكنه يختلف عن النظم الشمولية التى نعرفها بأمرين مهمين جدا، بل فاصلين عن الأنظمة الشمولية الأخرى:

< الفرق الأول: لم نعرف نظاما شموليا يتبنى هذا القدر من التنافسية الدستورية داخل النظام الحاكم وضمن أيديولوجيته. وهو تنافس منظم فى انتخابات تطرح فيها برامج مختلفة فعلا فى إطار قواعد اللعبة المتفق عليها، كما تختلف الأحزاب فى الإطار الرأسمالى مثلا. فالفرق بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى فى الولايات المتحدة ليس أكبر من الفرق بين الإصلاحيين والمحافظين فى إيران. طبعا، ليست هذه التيارات فى إيران أحزابا فعلا، وبرأيى ليس الجمهوريون والديمقراطيون أحزابا فعلية أيضا بالمعنى الأوروبى المعروف لنا، بل روابط انتخابية.

< الفرق الثانى: أن الأيديولوجية الرسمية التى تتخلل عمل المؤسسات الحاكمة والحيِّز العام والتربية والتعليم كهوية وكمرشد فى العمل، هى مذهب دينى حقيقى تؤمن به غالبية الناس أصلا. وهى ليست دينا إلحاديا أو دنيويا كما فى حالة الشيوعية والفاشية لا تؤمن به إلا نخبة من الحزبيين، الذى لا يلبث أن يتحول إيمانهم إلى مجرد مصلحة، ولا يؤمن به حتى أبناؤهم. لدينا فى حالة إيران مذهب دينى كأيديولوجية رسمية.. وهرمية وكليروس تثبِّت هرمية الدولة، ورجال دين بسطاء يشكِّلون وسيطا بين الشعب والأيديولوجية الحاكمة.

< هذه الفوارق المهمة تتيح ديناميكية وحيوية لم نعرفها فى الأنظمة الشمولية الأوروبية الشيوعية والنازية والفاشية، مع أن النظام الإيرانى قام فى مجتمع «شرقى» أقل تطورا منها جميعا من الناحية التكنولوجية ويفتقر إلى السياق الحضارى الحداثى والتحديثى الأوروبى الذى قامت هى على أساسه.

< لا يسمح الحزب الحاكم فى الصين، حتى فى مرحلة انفتاحه، بدرجة أقل بكثير من التنوع السياسى المعبر عنه تنافسيا عبر نقد النظام القائم والرئيس والحكومة بهذه الحدة. ولم يُسمَح بذلك طبعا فى الاتحاد السوفييتى وغيره. وإذا أخذنا هذه الناحية من النظام الإيرانى بما تتيحه من تنافس ونقد وتداول للحكم فى ظل قواعد لعبة متفق عليها، فإنه أقرب للديمقراطية التعددية التى نعرفها فى الغرب منه إلى النظام الشمولى. أما فرض الأيديولوجية الموحدة كأيديولوجية دينية، ومحاولة ضبط إيقاع حياة الناس الفردية عبر الأيديولوجية، فهى أمور تميزها جذريا عن الدول الغربية، حيث تضبط حياة الناس الفردية عبر تغلغل آليات السوق فى الحيز الخاص للفرد، وليس عبر تغلغل شمولية المشهد الإعلامى داخل العائلة. تُفرَض الأيديولوجية أيضا فى الولايات المتحدة ولكنها تسمى هناك نمط الحياة الأمريكى، وهى تترك حيزا واسعا للحيز الخاص وللحريات الفردية بما فيها القرار الدينى للفرد، وتؤثر عليها عبر الإعلام والسوق والاستهلاك.

< طبعا، لا داعى للكلام عما تتيحه الأنظمة السلطوية العربية، أنظمة الأسر الحاكمة والـ«نيبوتيزم»، العاجزة عن أن تكون شمولية أو ديمقراطية، ومن هنا فإننا نستغرب من شماتة بعض العرب بما يجرى فى إيران بدل الالتفات إلى ما يجرى، والأهم ما لا يجرى فى بلدانهم.

< انتفاضة الإصلاحيين تتم داخل هذا الإطار بما فيه مسلمات الجمهورية الإسلامية. ولكن الانتقادات الموجهة للنظام من قبل جمهور واسع من الشباب الذين انضموا للإصلاحيين خاصة من أبناء الطبقات الوسطى المـتواصلين مع العالم هى انتقادات معارضة لأصولية النظام الدينية، وتذكِّر بانتقادات الشباب فى أوروبا الشرقية لأنظمتهم التى رأوا أنها تحرمهم من حرياتهم الفردية والذاتية، ومن اختيار نوع حياتهم، ومن نمط الحياة الاستهلاكية. وطبعا كالعادة قسم من هذه الادعاءات صحيح، وقسم آخر ترديد لأساطير ينشرها الإعلام الغربى، وقسم أخير هو عدم رضا، وبحث عن معنى جديد فى العمل السياسى ذاته.

< لا نقترح الاستخفاف بهذا النقد على المدى البعيد.

< ليس هؤلاء أكثرية الشباب، بل هم أكثرية الشباب من أبناء طبقة معينة. فالنظام الإيرانى ليس اشتراكيا، وهنالك فجوات طبقية حقيقية، إضافة لتقاطعات بين الثروة والسلطة، وبين السلطة والمنصب الدينى، وبين الثروة والمنصب الدينى (والمصيبة حين يكون التقاطع بين السلطة والمنصب الدينى والثروة فى نفس الأشخاص).. تخلق هذه التقاطعات المختلفة تيارات سياسية وفكرية وأمزجة متفاوتة. فأكثرية الشباب من أبناء الفقراء يؤيدون نجاد، تماما كما يؤيد أبناء الفقراء شافيز فى فنزويلا. وعلينا أن نتذكر أن انتخاب نجاد عام 2005 كان احتجاجيا ومن قبل الشباب قبل غيرهم ضد المحافظين الذين فسدوا، وليس فقط ضد الإصلاحيين. وبعض الإصلاحيين من المناضلين والمبدئيين فعلا، ومنهم من شاركوا فى الثورة ومنهم من لم يشاركوا. ولكن بعضهم يجمع أحيانا بين الدفاع عن الحريات والدفاع عن الفساد. (الفئات التى تجمع بين الدفاع عن الامتيازات الاقتصادية وعن الحريات والانفتاح فى الوقت ذاته موجودة عربيا فى أكثر من دولة. وهى فئات نيو ليبرالية، لا هى ليبرالية فعلا، ولا هى ديمقراطية).

< المزاج الذى يعتبر أصحابه أصواتهم أكثر وزنا نوعيا من صوت الفقراء الأكثر عددا، ويعتبرون أصواتهم أغلبية، لأنها أغلبية فى أحيائهم، حتى حين تكون أقلية فى الوطن، هو موقف متعال وعنصرى ويتعارض مع روح الديمقراطية. فهو يخلط بين ليبراليته التى قد تكون صادقة، وموقف استعلائى نخبوى، لأن ديمقراطيته غير صادقة إطلاقا.

< كلما صدفنا هذا المزاج ونتيجة لتعاطف بعض المثقفين (الكاتب يقصد نفسه على الأقل) مع جيل الشباب المحتج والمتورط فى السياسة، يضعف هذا البعض أمام واجبه تجاهه. لقد رأينا عشرات الآلاف من الشباب يتظاهر قبل سنوات فى عاصمة عربية بشعارات ديمقراطية ضد الطائفية، فى حين جرهم بسهولة مثقفون لعبوا دور الـ«جورو» للتصفيق لقادة ميليشيات وزعماء طوائف ومجرمى حرب كأنهم أبطال ثقافيون فقط لأنهم «معنا»، و«ضدهم». وما لبثوا أن انجرفوا إلى تعبيرات عنصرية ضد الطوائف الأخرى ثم التزم كل طائفته، رغم المظهر الفردى المتميز، والأشرطة على الرءوس، والجينز والصدر المكشوف، وكل ما يوحى خطأ لجيلنا بالانفتاح والتقدمية (وقد كانت هذه مظاهر ثورية فى ستينيات القرن الماضى ولم تعد كذلك بل تعممت غربيا على اليسار واليمين)، وهى تجذب كاميرات الصحف التى يحررها أشخاص يذكرهم هؤلاء بشبابهم اليسارى. بعض المسافة النقدية صارت مفيدة لكى يقوم المثقف بواجبه تجاه الشباب فيشجع مواقفهم النقدية التحررية، ويحذر من الغرور والرجعية والآراء المسبقة والأساطير والأوهام التى يحملونها.

< من يرد أن ينتقد الانتخابات فى إيران فعليه بهيئة صيانة الدستور والشروط العديدة التى تفرض على من يرغب بالمشاركة لضمان اعترافه بمبادئ الجمهورية الإسلامية. وعليه بالتغييرات الدستورية من العام 1989 والتى ألغت منصب رئيس الوزراء وحولته إلى الرئيس، وحوّلت صلاحيات الرئيس إلى المرشد العام الذى جمعها كسلطات زمانية بسلطات روحية وفقهية ذات علاقة بتطوير جديد لمفهوم ولاية الفقيه. هذه تشكل موضوعا للنقد. ولكن هذه كلها مقبولة على التيارات والشخصيات والقوى التى تخوض الانتخابات، أو تدعى أنها تقبل بها لتتمكن من خوضها. ولكن من السخف الهروب من هذا النقد إلى الادعاء بأن الانتخابات الأخيرة فى إيران قد زوِّرَت خلافا لسابقاتها.

< فمنذ الانتخابات السابقة لم تتعزز قوة التيار الإصلاحى بل ازداد ضعفا وتفككا. والنتائج التى حاز عليها مفاجئة لمن يعرف إيران لناحية تبلور هذا التيار كقوة من جديد، خاصة بعد انهياره تحت وطأة مرحلة خاتمى وبعض القمع لامتداداته الشعبية فى الجامعات وغيرها. ولا شك أن الانتخابات الحالية وضعته على الخارطة ولكن ليس بشكله السابق، بل كتحالف مع فئات واسعة من المحافظين. لم تبن التوقعات حول قوة التيار الإصلاحى نتيجة لاستطلاعات متاحة للرأى العام، بل خلقها الإعلام الغربى وغير الغربى المعادى لنجاد. وهو على تهذيبه الفائق مخرب أجواء المؤتمرات الدولية وجلسات الصالونات الدبلوماسية بكلامه ومظهره.

< وشعبوية خطاب نجاد تتضمن أخطاء كبرى ومساعدة للسياسات الغربية العنصرية تجاه العرب والمسلمين والشرقيين بشكل عام، فشهادة البراءة التى يمنحها لأوروبا من جريمة المحرقة كارثية بكل المعانى. ولكن نجاد يصدم الغرب بمجموعة ثوابت صحيحة متحدية للإرث الاستعمارى، لم يعد أحد يتفوه بها بعد أن رُوِّض الجميع داخل مسلمات التفوق والعنصرية الغربية.

< ليس أحمدى نجاد ممثلا لتيار المحافظين بقدر ما هو متمرد عليهم من داخل مؤسستهم. إنه كمن ينتقد سلوك المحافظين، بمن فيهم رجال الدين الذين فسدوا، معتمدا على مبادئ الثورة الإسلامية. إنه من النوع المحافظ بالمعنى الأصولى، أى أنه يريد أن يعيد للثورة شبابها وبريقها. ولا شك أنه يذكر موسوى بشبابه. من هنا فإن فاعلية خطابه الشعبوى تفوق فاعلية خطاب الإصلاحيين. ومن هنا عودته إلى الإمام الخمينى وقاعدته الشعبية الفقيرة وتقشفه. ومن هنا، فإن توزيع عائدات النفط على الفقراء والتقرب منهم شكل تعويضا عن فشل السياسات الاقتصادية، ومن هنا فإن عدم فساده شخصيا عوَّض عن عدم مكافحته الفساد بشكل جدى. ومن هنا، فإن العزة الوطنية التى جلبتها سياسته الخارجية وجعلت من إيران لاعبا دوليا مركزيا، بعد أن هبط وزن إيران الدولى بالذات فى المرحلة التى بدأ فيها خاتمى (وهو إصلاحى فعلا) انفتاحا على الغرب.

< ليس بين المتظاهرين فى شوارع طهران أى مؤيد لأى نظام عربى أو تيار دينى سلفى أو أصولى فى المنطقة العربية. ولذلك فإن الفرح الغامر الذى أصيب به بعض الأخوة الأعزاء ليس مسيسا ولا سياسيا، بل هو من نوع الشماتات المتخلِّفة. فالبديل المطروح فى طهران هو إما 1ــ المؤسسة الحاكمة التى فسدت ماليا، وأصبحت أكثر واقعية فى الشئون الدولية، وتمرد عليها نجاد فى الانتخابات الماضية متمثلة برفسنجانى، أو 2ــ تقاطع بين الإصلاحيين والمحافظين فى إطار المؤسسة الحاكمة يتكئ فيها المحافظون الفاسدون شعبيا على الإصلاحيين من امثال موسوى وخاتمى كما يفعل رفسنجانى حاليا لاستعادة الجاذبية فى إطار الجمهورية الإسلامية، ولإضعاف دور المرشد، ومن أجل خط أكثر واقعية ومسايرة للغرب فى العلاقات الدولية خاصة بعد ذهاب بوش والأفق الذى يطرحه الحوار مع الإدارة الأمريكية من اعتراف دولى بالجمهورية الإسلامية (ولغرض التحالف يقبل جناح المحافظين هذا أن يدفع إصلاحات متعلقة بالانفتاح للتيار الإصلاحى. مثل هذه الإصلاحات تصبح عادة فى خضم التحول الثورى مجرد مرحلة انتقالية يفقد المصلحون بعدها زمام المبادرة)، أو 3ــ البديل الذى نسميه مجازا «غربى» وهو تغيير النظام. كما جرى فى أوروبا الشرقية. وهو البديل الذى تطرحه فئات واسعة من المعارضة غير القانونية فى البلد وفى المنافى. ويغلف للشباب من أبناء الطبقات الميسورة شمال طهران بالحقوق الليبرالية المدنية ونمط الحياة الاستهلاكى وحرية المسلك والملبس والتعبيرات الغربية وكل ما جذب الشباب حتى من أبناء الحزبيين فى أوروبا الشرقية وروسيا. صوتت غالبية الشباب من أبناء الطبقات الميسورة ضد نجاد وليس محبة بموسوى. ولكن هذا البديل الثالث لا بد فى حالة إيران من أن يمر عبر البديل الثانى أولا، وكمرحلة انتقالية. فللأسباب التى ذكرناها أعلاه لن ينهار النظام كما انهارت النظم الشيوعية.

< سوف يتجاوز النظام الإيرانى الأزمة الحالية معتمدا على الأدوات الموصوفة أعلاه. والسؤال المهم: هل سوف يستفيد منها بانتزاع شعارات الإصلاح من الفاسدين والتحالف مع يسار الإصلاح ضد يمينه، أم سوف يعتمد على القمع وحده، وخاصة على المبررات التى يقدمها له التدخل الغربى؟ والتدخل الغربى قائم بقوة. وهو لا يتدخل حرصا على ديمقراطية لا يعترف بها أصلا.

السبت، 20 يونيو 2009

النمو الطبيعى !

إبراهيم عيسي / الدستور 20 / 6 / 2009

لا أسكت الله حسًا لهؤلاء الذين بشرونا بصفحة جديدة يفتحها أوباما بخطابه الذي جعل المسلمين في قاعة جامعة القاهرة لأول مرة منذ هبط الوحي علي سيدنا محمد - صلي الله عليه وآله وسلم - في غار حراء يتخلون عن الإنصات للقرآن الكريم كما أمرهم ربهم ويستقبلون آياته البينات بالتصفيق في تصرف لم يحدث منذ 1430عامًا،

ثم قالوا لنا بحجم وحزم ما قاله أبونواس في مدح الخمر وما قاله الإمام مالك في النهي عن الخمر معا،إن أوباما سوف يواجه إسرائيل وإن هناك خلافًا حادًا بين أوباما ونتنياهو وإنه الرئيس الأمريكي الذي والتي واللذين واللذان واللائي واللاتي!!!ما رأيهم في خطاب نتنياهو الذي جاء بعد ضغوط أوباما؟
تخيل أنني قرأت لبعضهم عن إيجابيات كثيرة في خطاب نتنياهو ودعوة لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل علي أساسه، علي الرغم من أن صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين ولا خلاف علي أنه فتحاوي وليس حمساويًا ومن رجالة أبومازن ومن المؤمنين بالسلام والكلام والتفاوض وعانق من قبل كذا رئيس وزراء إسرائيلي علي كام وزير،

قال الرجل الأمين مع نفسه ووطنه إن علي نتنياهو أن ينتظر ألف سنة كي يجد مواطنًا فلسطينيًا واحدًا يقبل بشروط نتنياهو للدولة الفلسطينية التي ذكرها في خطابه!!سأترك أصدقائي الأعزاء الذين لايزال بعضهم يراهن علي صفحة أوباما الجديدة، وأعلن عن دخول مصطلح جديد إلي قاموس الشرق الأوسط سوف نلت ونعجن فيه من سنة إلي ثلاث سنوات قادمة

وسيدخل أولاد الحلال وأولاد الحرام في الشرق الأوسط معركة حول تعريفه، ثم خلافًا حول تفسير تعريفه ثم الحديث عن آليات الاتفاق علي تفسير تعريفه، ثم اجتماعات لا تنفض من أجل بحث أسس ومعايير تنفيذه ووجود لجان لمتابعة مدي التزام الأطراف بتنفيذه، ثم خلق مجموعة من الخطوات من أجل بناء الثقة لتنفيذه ومجموعة أخري من الخطوات في الناحية الأخري من أجل تثبيت مجموعة الخطوات الأولانية،

ما هذا التعبير الجديد الذي ولد أخيرًا مع خطاب نتنياهو وكأنه الأخ التوءم لتعبير الصفحة الجديدة لصاحبه المقرئ الإسلامي الجديد «باراك شعيشع»!! إنه تعبير النمو الطبيعي للمستوطنات، ستسمع حضرتك هذا التعبير حتي تشعر أنه ينام بينك وبين زوجتك علي السرير، وسيضاف بنجاح ساحق إلي قاموس الشرق الأوسط لينضم إلي سابقيه مثل دفع عجلة السلام (التي فثت) وعملية السلام (ويقصدون عملية اللوز) ومشروعات التسوية، والتسوية السلمية (علي الفحم بتبقي تحفة) وخريطة الطريق (تباع في هايبر ومترو وكارفور جنب الكاشير)،

ها هو مصطلح (النمو الطبيعي للمستوطنات) يعلن «أنا جيت نورت البيت»، والحقيقة أن خطاب نتنياهو الذي انتظره منتظرو صفحة أوباما الجديدة قدم رؤيته للحل علي النحو التالي:1- علي الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي (ومن ثم يغور حوالي مليون ونصف مليون عربي يحملون الجنسية الإسرائيلية في ستين داهية ومع السلامة يا شربات والقلب داعيلك، ولا أعرف ما رأي العلمانيين العرب «الذين يكرهون الجمهورية الإسلامية» في التعامل مع الجمهورية اليهودية؟!).2- حل مشكلة اللاجئين خارج حدود إسرائيل (يعني ملايين اللاجئين الفلسطينيين يشوفولهم حتة في لبنان أو الأردن أو سيناء ويحلوا عنا محدش راجع أرضه وبلده).3- دولة فلسطينية منزوعة السلاح (ممكن يتم تسليحها بخلة أسنان أو قنابل زيتون!!).4- القدس عاصمة إسرائيل الموحدة (ونكتفي من القدس نحن العرب بأغنية فيروز عن القدس مع توزيع جديد لعمر خيرت أو عمرو مصطفي).5- إسرائيل لن تبني ولن تقوم بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية لكنها سوف تسمح بالنمو الطبيعي للمستوطنات،

هوه ده الجديد، لأن السيد باراك طلب عدم بناء مستوطنات (وليس - لا سمح الله - هدم المستوطنات التي التهمت ما تبقي مما تبقي من الضفة الغربية)، فنتنياهو قرر الاستجابة فقط مع شيء بسيط «صغنطوط» هو السماح بالنمو الطبيعي للمستوطنات، ما هو هذا النمو الطبيعي يا سيدي؟ معقولة عايز إجابة؟! الأخ جون ميتشيل مبعوث العناية الأوبامية للشرق الأوسط صرح أمس الأول بأن من المهم جدًا محاولة معرفة ما تقصده إسرائيل تحديدًا بـ «النمو الطبيعي للمستوطنات».

وأضاف ميتشيل: «هناك عدد من التعريفات لـ «مفهوم النمو الطبيعي» يقارب عدد الناس الذين يمكنهم التحدث.. الأشخاص المختلفون لديهم تفسيرات مختلفة لعبارات مختلفة.. ونحن نحاول الوصول إلي اتفاق وتفاهم يساعدانا علي تحريك العملية للأمام». انتهي كلام ميتشيل الذي لا يعرف معني النمو الطبيعي للمستوطنات!سأترككم في رعاية الله وأمنه ونلتقي بعد كام سنة حتي تستقر المفاوضات والمشاورات والمباحثات علي المقصود بـ «النمو الطبيعي للمستوطنات»، وسأتفرغ أنا للنمو الطبيعي للحاجة الساقعة!!

الجمعة، 5 يونيو 2009

إصلاح المؤسسات الصحفية على طريقة مولانا ولى النعم !


سليم عزوز (المصريون) : بتاريخ 3 - 6 - 2009
تشهد مؤسستا " الأهرام" و " أخبار اليوم" انتفاضة عارمة ضد القرار المتعجل والمرتبك لرئيس مجلس الشوري بدمج مؤسسة دار التعاون (الصحفية) في " الأهرام" و " أخبار اليوم"، وقد بدا الرجل متمسكا بقراره، وليس مستعدا للعدول عنه، فقد حصنه بموافقة اللجنة العامة، ثم موافقة المجلس، ولم نسمع ان أحدا في اللجنة او في المجلس قد انتقد القرار، فما كان للسادة الأعضاء أن يردوا طلبا لزعيمهم المفدي، وهو صاحب هذا القرار التحفة، الذي يتعامل مع حل مشكلات المؤسسات الصحفية، علي طريقة حل مشكلات محلات الكوارع!في البدء كان القرار فرديا من قبل رئيس مجلس الشوري سالف الذكر، اتخذه بحسبانه المالك للصحف القومية، فإذا كانت هذه الصحف مملوكة للشعب المصري، ويديرها مجلس الشوري، فقد اختزل سيادته الشعب في المجلس، واختزل المجلس في شخصه، وصار بالتالي هو الشعب المصري، ولا مانع لدينا من ان ينصبوه ملكا لمصر والسودان، لكن ما هكذا تورد الإبل!.القرار ينص علي دمج العاملين دون الأصول، وهذا بيت القصيد، فيتم إلحاق الصحفيين بمطبوعة " المسائية" بمؤسسة " أخبار اليوم"، ودمج صحفيي المطبوعات الاخري للمؤسسة، والتي لا أتذكر أسماءها وإنما هي قريبة من " التعاون" و" وش الخير" و " أرضنا الخضراء"، وما شابه، الي مؤسسة " الأهرام"، علي ان يتم إلحاق العاملين من غير الصحفيين بشركة التوزيع المصرية، علي امل ان يتم إلحاقهم بـ " الأهرام" و " اخبار اليوم" في شهر سبتمبر المقبل!ومما قيل هنا، ان مؤسسة "دار التعاون" تحقق خسائر مهولة، فكان القرار بـ " تغيير العتبة"، كما ان صحف المؤسسة لا تنقصها سوي الترويج حتي يتخطفها الناس من باعة الصحف، وهو أمر يبدو للوهلة الأولي منطقيا، فما هو المبرر للإبقاء علي مؤسسة منحوسة، وتتحمل ميزانية الدولة المصرية خسائرها؟، وكان ما قيل هو الحق الذي يراد به باطل!.الدولة تتحمل بنفس راضية خسائر الصحف، فهذا النظام الشمولي ليس مستعدا لان يفرط في إعلامه بالخصخصة، وان كان في كافة المجالات الاخري قد باع الأرض ومن عليها، ولم يبق لنا سوي السكك الحديدية، وسوف تباع باسم واحد احد، إلا انه ليس مستعدا للتفريط في شرفه، الذي يتمثل في إعلامه، وهو مثل عود الكبريت كما هو معروف. انه نظام رأسمالي عتويل فيما يختص بالنظرة للقطاع العام، لكن عندما يقترب مقترب من الإعلام، فانه نظام اشتراكي أبا عن جد!
لا بأس، فلا يلام القوم ان ضجوا بخسائر المؤسسات الصحفية، وقرروا ان يتوقفوا عن سياسة " التدليل" المفسدة، وبحثوا عن خطة فلم تروق لهم الخصخصة، فكان قرار الدمج، وعلي طريقة " تحميل" علب الكبريت علي البضائع عند غياب " الفكه" وهي سياسة محلات البقالة والباعة السريحة، وما كان للدولة المصرية ان تتصرف علي هذا النحو، الذي لن يحل المشكلة، ولكن سيرحلها لتعاني منها المؤسسات الاخري!.لكن هل صحيح أن الخسائر هي السبب في هذا القرار المتعجل والمرتبك لرئيس مجلس الشوري؟!لا اصدق ما قيل هنا، ذلك بأن فشل مؤسسة "دار التعاون" ليس قدرا، فقد كانت المؤسسة تخسر في الوقت الذي وافق فيه صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري علي ان تتحول مطبوعتها الأسبوعية " السياسي" الي مطبوعة يومية تحمل اسم " المسائية"، وهو قرار خاطئ، لاسيما وان من تم جلبه رئيسا لمجلس إدارة دار التعاون ولرئاسة تحرير " السياسي" لم يثبت كرامة من أي نوع، وفي أي وقت، تؤكد ان سيادته قادر علي ان يضبط إيقاع المؤسسة، او ان ينجح في الإصدار اليومي او حتي الموسمي، فتوزيع المناصب الصحفية الكبري أشبه بمكافأة نهاية الخدمة، لا تعطي للقادرين علي العطاء، وانما تمنح علي طريقة مولانا ولي النعم!.هذا من ناحية، ومن ناحية أخري، فإذا كان الأمر مرده الي خسائر " دار التعاون" فانها ليست وحدها الخاسرة، فدار المعارف تخسر، ودار التحرير تخسر، ودار الهلال تخسر، و روزا ليوسف تخسر، والأخيرة تمت الموافقة لها علي إصدار يومي لا يزيد توزيعه علي عدة مئات من النسخ يوميا، الأمر الذي يجعل من استمرار صدورها يدخل في باب السفه، ولو قام به شخص من ماله الخاص، لحق لورثته أن يحصلوا علي حكم قضائي بالحجر عليه!.ولم يتم دمج كل هذه المؤسسات الخسارة، في المؤسسات الناجحة، دعك من موشح ان هذه المطبوعات لا ينقصها سوي الترويج، فالمنتج الذي نطالعه لا يمكن ترويجه ولو تولت وسائل الإعلام العالمية الترويج له، ولو نادوا عليه في الأسواق، ولو وزعوه بالمجان!.ان اختزال المشكلة في الترويج، هو مجرد كلام في الهواء يشبه الي حد كبير حالة " الابتهاج" التي انتابت خالد الذكر " ممتاز القط" رئيس تحرير " أخبار اليوم"، وصاحب المقال التاريخي عن " طشة الملوخية"، عندما تمت استضافته في برنامج " 48 ساعة" علي قناة " المحور"، ومرد حالة الابتهاج هذه ان مؤسسة " أخبار اليوم" قد كسبت " رخصة مسائية"، وبشكل يوحي كما لو كان حصول مؤسسته علي رخصة مسائية عملية شاقة، مع ان الأمر لن يكلفه سوي طلب للمجلس الاعلي للصحافة، لكنه بدا مبتهجا، وكأن ثروة معتبرة سقطت علي أم رأسه من السماء، لأنه يعلم ان الدمج هو رغبة صفوت الشريف، وقراره، الذي ألقاه الوحي في قلبه.. لا تنسي ان تفتح الشين عندما تنطق اسم الشريف، كما كان يفعل مذيعو التليفزيون عندما كان وزيرا للإعلام، فهو حريص علي ذلك ليؤكد انه من الأشراف.. زمان طالبت له جريدة " صوت الأمة" في عهد عادل حمودة بمنصب نقيب الأشراف، وكان الطالب هو صديقنا محمد الدريني رئيس ما يسمي بالمجلس الاعلي لآل البيت، في ذروة خلافه مع النقيب الراحل محمد كامل ياسين!
هنا تكمن المشكلة، فصفوت الشريف هو صاحب القرار بالدمج، لم يستشر فيه أحدا، ولم يناقشه مع الجمعيات العمومية للمؤسسات الثلاث المعنية به: " دار التعاون" و " أخبار اليوم" و " الأهرام"، فقد تصرف علي انه - بشخصه قبل صفته - هو المالك للصحف القومية، وقد أصدر القرار منفردا، وبدأ في التنفيذ، لدرجة أنني ناقشت مع احد المحامين إقامة دعوي قضائية بإلغائه، بصفتي مواطن مصري، وبهذه الصفة فانا واحد من 80 مليون مصري يملكون هذه الصحف، وليس صفوت الشريف بمفرده!.وعندما ثار الزملاء في " الأهرام" و" أخبار اليوم" ، سعي لتحصين القرار من خلال الحصول علي موافقة اللجنة العامة، ثم مجلس الشوري، حتي يقطع الطريق علي تدخل الرئيس، لاحظ ان المجلس علي وشك ان يرفع جلساته، ولا يلغ قراره إلا بقرار، ولن يكون هذا إلا في نوفمبر، ان عشنا.. مؤكد انه سيعيش هو!.لقد جاء قرار الدمج فرديا، وقرار بهذا الشكل لا ينبغي أن يصدر إلا بعد مناقشات مستفيضة، داخل لجان المجلس، وتعقد لذلك لجان استماع، وندوات، يدعي إليها أصحاب الشأن، والخبراء، لا ان يصدر بشكل فردي، مشمولا بالتعجل والارتباك!.لكن الرجل أكبر من ان يستشير، فما يريده يقرره، وليس بحاجة إلي ان يناقش أحدا في تجلياته، وقد قال ردا لانتفاضة العاملين في " أخبار اليوم" و " الأهرام" احتجاجا علي صدور القرار دون مناقشتهم فيه، ان المجلس هو الذي يملك المؤسسات، فاته ان هذه الملكية هي للشعب المصري، ومجلس الشوري مفوض بإدارتها الإدارة الرشيدة، فان انتفت صفة الرشد سقطت الوكالة، وكان ما يصدر في هذه الحالة يكون مشوبا بعدم المشروعية، ومتخلقا في رحم البطلان، ومرتقيا الي مرتبة الانعدام، فلا يجوز للوكيل ان يتخذ قرارا يؤثر في ملكية الأصيل وفي حضوره علي هذا النحو!.مجلس الشوري ينوب عن الشعب المصري في الإدارة ( والمجلس ليس هو شخص رئيسه) وهذه الإنابة لا تخول له الحق في اتخاذ قرارات مصيرية، تخرج عن إطار الإدارة، فالدمج وإلغاء مؤسسة قائمة من الوجود يخرج عن ما هو مخول لمجلس الشوري في أمره، وليس في سلطة رئيسه، وعندما يتوج ملكا لمصر والسودان فان من حقه ان يتصرف في الأرض ومن عليها تصرف المالك فيما يملك، وينتهج سياسة مولانا ولي النعيم، التي تروق له.
ربما لو كان قرار الدمج يشمل الأصول، فلن يكن الزملاء في " الأهرام" و " أخبار اليوم" قد انتفضوا، فربما لا يعلم كثيرون ان الموضوع كله يدور حول هذه الأصول، وهي فيها الطمع ومن اجل الاستيلاء عليها صدر القرار، ويتم التمسك به باعتباره من القرارات السيادية!.مؤسسة " دار التعاون" تمتلك قصرا في منطقة جاردن سيتي، وتطمع فيه السفارة الأمريكية، وقد طلبت ان تدفع فيه ما يقرب من 2 مليار جنيه، كأن تحته آبار نفط. كما تمتلك أرضا شاسعة في منطقة المعادي، وفي الإسكندرية. وما سيحدث هو ان يتم بيع هذه الأصول، علي طريقة بيع القطاع العام، لكن من سيبيع هذه المرة ليس وزارة قطاع الأعمال، لكنه صفوت الشريف بصفته المالك. لا حظ كيف باع عاطف عبيد مقدرات الشعب المصري بتراب الفلوس، ففي غيبة صاحب الملك – بكسر الميم - يفوز باللذات كل بائع!.هذا هو الموضوع باختصار، لا بسبب الخسائر، ولا بهدف النهوض بتوزيع المطبوعات الفاشلة من خلال الترويج لها في الصحف الكبري، فلو كان أمر خسائر لتم بيع القصر، وبثمنه يمكن إصدار " أهرام" أخري، شريطة ان يتم اختيار الأكفأ للقيام بهذه المهمة!.ولان الأصول فيها الطمع فقد كان القرار ارتجاليا، ففي البدء تقرر ان تلحق المطبوعات الاخري في " دار التعاون" بوزارة الزراعة، كما قيل ان مؤسسة " دار الشعب".. والدور عليها، سوف يتم الحاقها بمحافظة القاهرة، وإذا حدث هذا فإننا نكون أمام قرار باطل قانونا بالثلاثة، ولكن يبدو ان احدا نبه صاحب القرار الي خطورة ذلك فتراجع ، والذي لم يكن يعنيه سوي التخلص من العمالة، ليحصل علي الأصول بيضة مقشرة.قد يتم الضغط علي الزملاء بشتي الطرق ليسمحوا بتنفيذ قرار صفوت الشريف، لكن سيتم التأريخ بهذا القرار لمرحلة جديدة وهي انهيار تجربة الصحافة القومية في مصر.. وان كنت اعتقد ان المرحلة لم تبدأ بالقرار وإنما بدأت بتعيين صفوت الشريف رئيسا بمجلس الشوري، وهو لم يثبت كرامة في مجال الإعلام المرئي والمسموع، فقد جعلنا مسخرة أمام قناة وليدة هي " الجزيرة"، واكتفي بإطلاق الشعارات من نوعية " الريادة الإعلامية".. لا يوجد في الدوحة من يصكون شعارات كشعاراته، فقد هزمناهم في هذا الجانب. وسوف يواصل فكره الجديد مع الصحافة المكتوبة.لا بأس فنحن في زمن "طشة الملوخية".azouz1966@gmail.com

الخميس، 4 يونيو 2009

لماذا رفض إبراهيم عيسى حضور مولد سيدنا أوباما


من أول السطر

إبراهيم عيسى / الدستور / 4 /6 / 2009

ربما لا يهمك أنني لم أحضر خطاب أوباما ولم أستجب لتلك الدعوة الكريمة التي جاءتني كغيري ممهورة باسم شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة، وربما لا تريد أن تعرف أسبابي لعدم المشاركة ولا الذهاب مع المدعوين للاستماع للرئيس الأمريكي، ومع ذلك فأنا أريد أن أقول لك، فتحملني:

أولاً: أن تحضر، معناه أنك تشارك في مجاميع الجمهور التي يريدها أوباما ليقنع نفسه بأنه خاطب العالم الإسلامي والتي تريدها الحكومة المصرية كي تقول له: شوف إحنا في منتهي السماحة والديمقراطية إزاي وجئناك من كل قبيلة بساداتها وعبيدها! مع احترامي البالغ للذين حضروا وعلي رأسي من فوق وخصوصًا زملائي الذين يغطون الحدث باعتباره عملهم الواجب، فالحقيقة أن تكون جمهورًا يعني أنك تتواطأ في خلق صورة لامعة للسيد الأمريكي وتشارك اختياريًا في عملية تجميل قسرية!

ثانيًا: أن تشارك، معناها أن المشكلة كانت جورج بوش فقط، وكأنه قد غار فأهلا وسهلا بالرئيس الأمريكي الجديد وبيتك ومطرحك وكلنا آذان صاغية، والحقيقة أن المشكلة لم تكن بوش إطلاقا، بل السياسة الأمريكية وممارسات واشنطن تجاه العالم ومنه العالم الإسلامي، أما وإنها لم تتغير حتي الآن ولم نر من أوباما سوي حملة علاقات عامة واسعة ومحترفة في تخطيطها وفي تنفيذها، فلم نشهد من الرجل أي اختلاف حقيقي وجذري سواء في احتلال العراق الذي تتراجع فيه وعوده عن الانسحاب كل يوم، فضلاً عن أن وعوده نفسها كانت عبارة عن إبقاء حوالي تسعين ألف جندي في العراق بعد أن يعلن الانسحاب .

(الراجل بيهزر.. ولاحظ أنه بعدد أقل من هذا بكثير كانت إنجلترا تحتل مصر!) ثم زاد الرئيس الأمريكي عدد جنوده في أفغانستان ويخوض حربًا دموية وعنصرية ضد سكان إقليم سوات في باكستان ليس فيها سوي البشاعة بتخطيط وإشراف أمريكي وتنفيذ مشترك مع حكومة باكستان، كذلك تراجع الرجل بشكل مفضوح عن كل وعود التخلص من جوانتانامو ومعتقليها (مع ملاحظة أنه وعد بتوزيع المعتقلين علي دول أخري وكأنها مشكلة تسكين وليست قضية حقوق إنسان).

أما قصته مع إسرائيل فهي عين الخداع؛ فالتسويق الإعلاني لخلافاته مع تل أبيب لا يجب أن يَخِيل علينا مهما بالغنا في تغفيلنا، ثم إن أصل الخلاف مضحك للغاية؛ فهو يريد من نتنياهو أن يكون معتدلا مثل إيهود أولمرت وتسيبي ليفني (وهما مجرما حرب وعنصريان تماما) وأن يوافق علي ما وافق عليه شارون (فيه أكتر من كده هزار.. أوباما يريد من نتنياهو أن يكون شارون )، أوباما يريد من الحكومة الإسرائيلية أن توافق علي حل الدولتين لا أن تحل الدولتين!! ثم يريدها أن توقف المستوطنات غير الشرعية وكأن هناك مستوطنات شرعية!! ثم يعدكم يا عرب بدولة فلسطينية كالمسخ المشوه ولكن بعد ثماني سنوات أي بعد انتهاء ولايته!! بذمتكم ماذا فعل أوباما كي نذهب جمهورًا له نستمع لسعادته ونصفق لسيادته؟!

ثالثًا: يتحالف أوباما مع إسرائيل التي تحتل أطهر قطعة أرض في العالم الإسلامي، ويحتل بغداد من أعز العواصم في الحضارة الإسلامية، ويقتل كل يوم عشرات في باكستان وأفغانستان في قلب العالم الإسلامي، ويريد أن يمنع إيران الإسلامية من امتلاك قنبلة نووية مزعومة، حتي لا يحدث توازن رعب بين العالم الصهيوني والعالم الإسلامي، ثم يعادي قوي المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان التي تدافع عن شرف العالم الإسلامي، ومع ذلك نحضر له خطابًا للعالم الإسلامي!

رابعًا: أوباما لم يفعل أي شيء للعالم غير الإسلامي حتي الآن؛ فلم نسمع عن توقيعه اتفاقية كويتو لإنقاذ البيئة، تلك التي رفض توقيعها بوش، ولا شارك في المحكمة الجنائية الدولية ولا في «مؤتمر ديربان» ضد العنصرية مثلا، حتي نقول إن الرجل فعل شيئا.

خامسا: لا أعرف كيف تحول أوباما فجأة إلي الإمام الشافعي؛ فأنا أتابع كل يوم تقريبًا رسائل موجهة من جهات وشخصيات لأوباما تطلب منه وتطالبه، وكأنه الإمام الشافعي الذي يتلقي الرسائل التي يودعها في ضريحه كل يوم المحتاجون والمتوسلون والمظلومون والعقيمات الباحثات عن حمل وولد! رسائل من شخصيات معارضة للحكم وأخري مؤيدة للحكم، ومن منظمات حقوقية ومن جهات صحفية، وحتي من أقباط وبهائيين ومسلمين، وكأننا مسلوبو الإرادة والقدرة وننتظر من أوباما - رضي الله عنه - (ألم يأت لمخاطبة العالم الإسلامي) - أن يستجيب!!

لهذا قررت أن أسمع الخطاب، لا أن أحضره وأصحح إذن رقم الحضور من 2500 شخص إلي 2499 وإن كنت أتمني ألا يكون مقعدي المقعد الخالي الوحيد!

الأربعاء، 3 يونيو 2009

الموضوع الذى أثار وزيرة القوى العاملة وكان سببا فى خضوع رئيس تحرير الجمهورية لاوامر معاليها باستبعاد البسيونى من الوزارة

ما نشر فى كلمة حق 10 سبتمبر 2008

رد الوزيرة الذى أدانها وأكد كل كلمة ذكرت

هذه صورة من الموضوع الذى كتبه الزميل محمد فخرى الصحفى بالجمهورية .. نشرته فى صفحة كلمة حق التى كنت أشرف عليها فى عدد 10 سبتمبر 2008 وتناول مأساة عدد من المصريات على يد كفيلة سعودية وتقصير وزارتى القوى العاملة والهجرة والخارجية فى حقهن قبل أن تتناوله وسائل الاعلام والفضائيات المصرية ويتحول الامر إلى قضية رأى عام بعدها بأكثر من شهر .

حاولت استكمال الملف كما تقضى الاعراف المهنية والصحفية إلا أن رئيس التحرير محمد على إبراهيم فضل مجاملة وزيرة القوى العاملة والهجرة وطلب إغلاق الملف نهائيا ولتذهب السيدات المصريات إلى الجحيم .

وبدلا من إرسال الرد لى لانشره فى الصفحة التى كنت أشرف عليها أرسل رئيس التحرير الرد إلى صفحة أخرى لا علاقة لها بالامر ونشر فى عدد 15 سبتمبر إلا أن الله أوقعه هو وعائشة عبدالهادى فى شر أعمالهما وأكد كل كلمة ذكرت فى الموضوع الذى نشر فى الصفحة وأترك الامر لفطنة القراء لمعرفة الحقيقة .

لم يكتف إبراهيم الذى حول الجريدة إلى عزبة خاصة به باستبعادى من الوزارة ولكنه واصل التنكيل بى وجمدنى وخصم أكثر من 90 % من مكافأتى الشهرية ولا يزال يحاول اغتيالى معنويا لاننى لم أرضخ لاوامره بمحاولة الاتصال بمعالى الوزيرة على حد قوله لتطييب خاطرها وكاننى مندوبا لها لدى الجريدة وليس العكس أو كأنها ولية النعم .

وطبعا لانى رفضت ذلك استمر فى مسلسله الهابط وزادت جرعات التنكيل بعد أن اشتركت مع عدد من الزملاء بابلاغ النائب العام ورئاسة الجمهورية ورئيس المجلس الاعلى للصحافة بحصول عدد من قيادات دار التحرير للطبع والنشر على ملايين الجنيهات بالمخالفة للقانون طبقا لتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات .

هشام البسيونى

الثلاثاء، 2 يونيو 2009

التغيير بالمظاهرات


محمد حماد / العربى / 1 / 6 / 2009

يستعجل الناس التغيير، ويتصور بعضهم أن مظاهرة من مائة ألف مواطن تخرج تلعن النظام وأهله كفيلة بأن تسقط الطغاة، وتولى من يصلح، والبعض يبنون خططهم على مثل هذا الوهم الخادع، الذى لا سابقة له، ولو لمرة واحدة فى التاريخ البشرى، وما جورجيا عنكم ببعيد.
تذكرت هذه الترهات، وأنا أقلب صفحات كتاب (طموحات إمبريالية) الذى صدرت نسخته العربية ترجمة عمر الأيوبى (عن دار الكتاب العربي) فى بيروت عام 2006، وهو عبارة عن تسع مقابلات أجراها ديفيد برساميان مع المفكر الأمريكى ناعوم تشومسكى، تركزت فى مجملها حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة، كما تناولت بعض القضايا السياسية الفكرية داخل أمريكا.
أقول: إذا أردت أن تقرأ كف أمريكا الاستراتيجى عليك أن تطالع كتابات زبيجينيو بريجينسكى، وإذا أردت أن تقرأ كيف تحول أمريكا استراتيجياتها إلى تكتيكات عمل ودبلوماسية نشطة فاقرأ لهنرى كيسنجر، أما إذا أردت أن تنظر إلى أمريكا عارية بدون مساحيق تدارى وجهها القبيح فعليك بقراءة ناعوم تشومسكي.
ما لفت نظرى فى الحوارات مع تشومسكى سؤال عن دور الفرد فى تغيير المجتمع، وهى قضية تكاد تكون مصرية قبل أن تكون أمريكية، أو هى بالأحرى تلامس قضية التغيير فى العالم كله.
هذه مشاكل ضخمة، ماذا يسعنى أنا كفرد أن أفعل حيالها؟
يقول تشومسكي: بعد كل خطاب ألقيه فى الولايات المتحدة، يقترب منى بعض الأشخاص ويقولون: أريد أن أغير الأمور، ماذا يمكننى أن أفعل؟، ويجيبه تشومسكي: ليس هناك صعوبة فى العثور على المجموعات التى تعمل جاهدة فى القضايا التى تهمك، وما عليك إلا أن تنضم إليها، وتعمل معها من أجل تحقيق التغيير.
ومن كثرة تكرار السؤال وترداد الإجابة نفسها اكتشف تشومسكى أن الناس لا تريد منه هذه الإجابة، وبات يعتقد أن السؤال الحقيقى الذى يريدون طرحه هو: ماذا يمكننى أن أفعل لوضع حد لكل هذه المشاكل الضخمة، بشرط أن يكون المطلوب عمل سهل وسريع، ومضمون النتائج، يقول لك بعضهم: لقد شاركت فى مظاهرة ولم يتغير أى شيء، وخرج 25 مليوناً إلى الشوارع، ومع ذلك مضى بوش إلى الحرب، ثم يركنون إلى اليأس.
الطبيعى أن يشعر الناس باليأس إن توقعوا أن تحل مشاكلهم إذا هم تظاهروا مرة، أو سيروا المسيرات عدة مرات، فلو أن الأمور تمضى على هذه الشاكلة لما غلب أحد فى هذا العالم.
الأمور لا تسير على هذا النحو، ولا هى بهذه البساطة، يقول تشومسكي: إذا أردت أن تحدث تغييرات فى العالم، عليك أن تشارك يومياً فى العمل البسيط والدءوب، وربما الممل، من أجل اجتذاب أشخاص مهتمين بالقضية التى تهتم بها، وأن تبنى منظمة أكبر قليلاً، وتنتقل من خطوة إلى الخطوة التى تليها، وأن تواجه الإحباط فى كل مرحلة، ثم تصل إلى مكان ما فى النهاية، هكذا يتغير العالم، هكذا تتخلّص من العبودية، وهكذا تحصّل حقوق المرأة، وتحصل على حق التصويت، وهكذا يحمى العمّال حقوقهم، أو يتحصلون عليها، لقد تحقق كل مكسب كبير عن طريق هذا النوع من الجهد، لا من مشاركة الناس فى مظاهرة واحدة، والانسحاب عندما لا يحدث شيء، أو التصويت مرة واحدة كل عدة سنوات، ثم العودة إلى البيت.
وأقول: إن تراكم المشاكل، وطول بقاء الناس تحت وطأتها قد يكفى لتعظيم الرغبة فى التخلص من هذه المشاكل، ولكنه لا يكفى لتجاوزها، بل قد يغرى ببقاء الحال على ما هو عليه، وحده العمل الدءوب، وحده البقاء تحت الطلب من أجل التغيير، وحده الحرص الشديد على حشد الناس على الطريق إلى التغيير هو الذى يوصل الناس إلى الأمل فى حل مشاكلهم.
الإجابة السهلة، ولا أقول الساذجة، عن سؤال التغيير فى مصر لا تفيد أحداً، ولا تفيد قضية التغيير نفسها، بل ربما تضر بأكثر مما تفيد، وإذا كانت المظاهرة لمرة واحدة لا تفيد، فإن التبليط فى الخط لن ينفع، كما لن يفيد شعبا يريد التغيير أن ينتظر عند حافة النهر، ويضع قدميه فى الماء، آملا أن يأتيه التيار بجثة الذين ينتظر موتهم!
وحدها إرادة التغيير هى القادرة على تحريك أمة قررت العودة إلى الحياة.

زيارة القيصر الجديد

بقلم : عبدالله السناوى / العربى / 1/ 6 / 2009
للصور والرموز سطوتها، قد تتراجع إلى خلفية المشهد السياسى المفعم بالتحديات المستجدة، ولكنها تدخل فى حساباته المعقدة.
.. وعندما يدخل القيصر الأمريكى الجديد «باراك أوباما» إلى قاعة الاحتفالات الكبرى بـ «جامعة القاهرة» لتوجيه رسالة أخرى إلى العالم الإسلامى، فليس بوسع أحد أن يغض الطرف عن أن هذه القاعة تحمل اسم «جمال عبدالناصر»، وأن توقيت خطابه ـ الخميس (4) يونيه ـ يتزامن مع ذكرى نكسة عام (1967).
الرموز ـ فى القاعة واسمها والتوقيت ومغزاه ـ قد لا تكون مقصودة بذاتها، ولكنها حاضرة فى المشهد المثير وداخله فى تفاعلاته.. فهناك جدل صاخب فى مصر ومحيطها عن تراجع دورها الإقليمى، الذى شهد ذروته فى عقدى الخمسينيات والستينيات، غير أن أطرافاً فى نظام الحكم تعتقد أن أدوارها «كاسحة»، وأن زيارة «أوباما» دليل قاطع على محورية الدور المصرى ـ على ما يقول وزير الخارجية «أحمد أبو الغيط»!.. وهذا خلط أوراق بين «مصر التاريخية» و«مصر الرسمية»، وباليقين فإن «أوباما» اختار الأولى للتحدث من فوق منصتها إلى العالم الإسلامى، دون أن يخطر بباله ان الثانية سوف تحاول دبلوماسيتها وإعلامها تسويق الزيارة باعتبارها فتحاً لا مثيل له فى التاريخ المصرى يؤكد شرعية النظام وسلامة اختياراته الداخلية، رغم أن هذه الاختيارات ـ بالذات ـ كانت محلاً لانتقادات حادة فى الصحف الأمريكية، التى خشيت من أن تضفى الزيارة دعماً سياسياً لما وصفته بـ «الديكتاتورية» والعصف بالحريات العامة، وهو أمر حاولت الإدارة الأمريكية ـ قبل زيارة «أوباما» التخفيف من وطأته باستقبال نشطاء سياسيين مصريين فى الولايات المتحدة من معارضى نظام «مبارك» فى مكتب وزيرة الخارجية «هيلارى كلينتون».. وهذا إجراء غير مسبوق فى تاريخ العلاقات المصرية ـ الأمريكية، ولا يمكن وصفه بأية حال بأنه تعبير عن ثقة إدارة «أوباما» فى الأحوال الداخلية المصرية، بل إن الإدارة لديها مخاوفها على مستقبل نظام الحكم «الحليف» فى مصر، وتخشى من سيناريوهات ما بعد مبارك وتأثيراتها على المصالح الأمريكية فى المنطقة.
الهوس الدبلوماسى والإعلامى ـ بحد ذاته ـ دليل على قلة ثقة فى النفس، وعلى عمق الأزمة الداخلية، فليست هناك دولة تحترم نفسها تعتبر زيارة رئيس دولة أخرى مما يضفى شرعية على نظام الحكم فيها، أو يؤكد أدوارها فى محيطها، فالشرعية مصدرها القبول العام، والأدوار تصنعها السياسات لا الإدعاءات التى لا يصدقها أحد.
وفى التوقيت يبدو الرمز حاضرا، ففى يونيه (1967) تعرضت مصر لأخطر وأكبر ضربة تلقتها فى تاريخها الحديث، ورغم انها رفضت الهزيمة وقاتلت من جديد لست سنوات كاملة حتى انتصرت فى ميادين القتال عام (1973)، إلا أنه أريد ـ وبصورة مضطردة وممنهجة ـ تكريس الهزيمة فى الوجدان العام، وأن إسرائيل قوة لا تقهر، وان مصلحة مصر فى أن تنكفئ على نفسها، وألا شأن لها بالقضايا العربية ، فـ «أكتوبر آخر الحروب، و(99%) من أوراق اللعبة فى يد الولايات المتحدة» ـ على ما قال الرئيس الراحل «أنور السادات»!
..وعندما يدخل «أوباما» جامعة القاهرة، فهو يدرك قيمة البلد الذى يتحدث من على منصة جامعته الأولى، ولكنه يدرك ـ أيضا ـ أن هذه الجامعة لم تعد مصنفة دوليا من ضمن الـ (500) أفضل جامعة فى العالم، وأن التراجع العلمى يرافقه تراجعات أفدح استراتيجيا واجتماعيا، لا يخفف من مشاهدها حملات النظافة المكثفة فى محيط الجامعة!
للرموز والصور سطوتها، ولكن للوقائع المستجدة كلمتها فى تقرير أجندة الزيارة والهدف منها.. وقد أُريد أن تمثل بداية جديدة للتعاطى الأمريكى مع ملفات المنطقة، أو إشارة إلى نظرة مختلفة للعلاقات الأمريكية مع العالمين العربى والإسلامى، مترافقة مع سياسات تحاول أن تفتح بحذر النوافذ المغلقة مع إيران وسوريا، وأن تضمن المصالح الأمريكية بطرق مختلفة أكثر أمنا وأقل كلفة تنهى المأزق العراقى، وتضع نهاية للصراع الفلسطينى ـ الإسرائيلى وفق حل الدولتين.
وقد استبقت التكهنات والتسريبات زيارة «أوباما».. فى البداية بدا أن هناك «طبخة سياسية» جديدة، توشك أن تعلن عن نفسها، يجرى بمقتضاها تسوية نهائية للصراع الفلسطينى ـ الإسرائيلى.. لكن بمواصفات واشتراطات جديدة من بينها شطب قضية اللاجئين بصورة نهائية.. وضم الجانب الأكبر من المستوطنات الاسرائيلية فى الضفة الغربية إلى الدولة العبرية مع تبادل للأراضى يجرى التفاوض عليه، مع تطبيع عربى واسلامى شامل وعاجل مع إسرائيل.
كان التوجه العام داخل «ادارة أوباما» يميل إلى عقد صفقة شاملة، تجرى على مرحلة واحدة.. وينتهى الأمر، وأن ذلك سوف يساعدها على إنهاء أزماتها فى المنطقة، ويصون المصالح الأمريكية فى المنطقة بوسائل جديدة، ويحسن ـ فى ذات الوقت ـ صورة الولايات المتحدة فيها، التى حُطمت على عهد الرئيس السابق «چورچ بوش»، كما لم يحدث من قبل.. غير أن الاعتبارات الأمريكية تعارضت مع اعتبارات اسرائيلية تبنتها حكومة «بنيامين نتنياهو»، فمن وجهة نظر الأخير أن المستوطنات «خط أحمر»، وأن ما يدعو إليه «أوباما» من إيقاف التوسع فيها لحين التفاوض على مستقبلها لا يمكن القبول به، فضلا عن ان هذه الحكومة ترفض «حل الدولتين» من حيث المبدأ، وترفض معه «خطة خريطة الطريق»، أو أية اتفاقات وعهود سابقة قطعتها حكومات إسرائيلية أخرى.
عند هذه الدرجة من التباين فى الاعتبارات الأمريكية والإسرائيلية.. بدا ان إدارة أوباما مستعدة للتراجع أكثر من خطوة للخلف، وان تستبعد إلى حين إشعار آخر فكرة الصفقة الشاملة، رغم انها كارثية على المصير الفلسطينى، عارضة صفقة أخرى أقل يجرى بمقتضاها إيقاف التوسع فى المستوطنات مقابل تطبيع عربى شامل مع إسرائيل.. الا أن حكومة «نتنياهو» اعترضت على الشق الأول من الصفقة وتحمست ـ فى ذات الوقت ـ لحصد الشق الثانى مجاناً، بل بدأت فى اسباغ أوضاع قانونية على طبيعة الدولة العبرية يؤكد يهوديتها ويهمش العرب فيها إلى حدود ممارسة أبشع أنواع العنصرية، تنفى أية حقوق فى التعبير عن هويتهم القومية أو الكلام عن أنهم قد تعرضوا لنكبة فى عام (1948).
.. و عندما يصل «أوباما» إلى القاهرة، فهو يدرك أنه ليست لديها أجندة مختلفة أو أوراق تضغط بها، وأنها تعتبر زيارته نهاية المنى، ولم يجد غضاضة ـ والحقائق أمامه ـ أن يحدد من طرف و احد موعد الزيارة، وجدول أعمالها، والوقت الذى سوف يقضيه فى العاصمة المصرية، والمنصة التى سوف يتحدث من فوقها، دون أن يكون للطرف المصرى المضيف رأى أو مشورة.!
.. وعندما يصل «أوباما»، ويلتقى المسئولين المصريين، فهو يدرك أن إسرائيل استخدمت الاعتراضات المصرية على الدور الإيرانى، والمبالغة فيه على نحو خطير، للكلام عن أن هناك فرصة أمامها لبناء تحالف استراتيچى جديد فى المنطقة يجمعها مع الدول العربية الموصوفة بـ «الاعتدال»، وفى مقدمتها مصر، ضد «الخطر الإيراني»، وأن مثل هذا التحالف يحقق المصالح الأمريكية دون حاجة لتنازلات فى الملف الفلسطينى لا ضرورة لها، ولا صاحب يضغط من أجلها، فالفلسطينيون منقسمون بصورة فادحة، وخلافات حركتى «فتح» و«حماس» تستعصى ـ حتى الآن ـ على التجاوز، بل إن الخلافات وصلت إلى داخل «فتح» ذاتها، والانقسام العربى لا يقل فداحة، والدولة العربية الأكبر والأهم مشغولة بمستقبل نظام الحكم فيها، و«أوباما» يدرك أكثر من غيره ـ والتقارير أمامه والمعلومات متوافرة ـ أن قضية مستقبل الحكم والتوريث فيه لها أولوية تسبق أية قضية أخرى، أو استحقاق آخر، وأنها باب التنازلات المفتوح على آخره. وأن لا أحد ـ هنا فى القاهرة ـ مستعد للرهان على أية أوراق لديه للضغط على إسرائيل، التى تبدو ـ الآن ـ أمام احتمالات صدام محتمل مع الإدارة الأمريكية، فالرؤى متباينة فى إدارة ملفات المنطقة الملتهبة، بل إن بعض الدول العربية، وفى مقدمتها الدولة المضيفة مصر، غير مؤهلة وغير مستعدة لممارسة أى ضغط، وهو ما قد يساعد على لملمة سريعة للتناقضات الأمريكية الإسرائيلية على حساب المصالح العربية، وبمساعدة أطراف عربية!

ينام دهراً وينطق دمجاً وازدراء للصحافة



بقلم عزت القمحاوى / المصرى اليوم / ٢/ ٦/ ٢٠٠٩

لم أكن، فى يوم من الأيام، مع التوسع فى الكتابة عن شؤون الصحافة؛ فلم نُعط الأقلام لنكتب عن أنفسنا، بل عن الآخرين، مثلنا مثل أصحاب أى مهنة، لم يحترفوها ليعملوا لأنفسهم.

لكننى تحت إلحاح الخراب الممنهج كتبت فى هذه المساحة ثلاث مرات، من باب أن الصحافة إحدى مؤسسات دولة أوشك انهيارها على الاكتمال، وإحدى أدوات نظام يتحلل بالشخصنة والفرعنة التى يمارسها كل مسؤول فى موقعه، على الرغم من وجود هياكل مؤسسية، لكنها صورية وعديمة النفع مثل فزاعات الطيور!

الصحافة التى انتزعت من أصحابها الموهوبين منذ أقل من خمسة عقود فى حملة التأميم، لم تعش كمؤسسات صحفية أكثر من عقدين، بقوة الدفع الذاتى ثم بدأت فى التعثر، لأنها بعد أن دخلت فى إطار الملكية العامة من الباب، عادت إلى إطار الملكية الخاصة من الشباك؛ حيث نسيت فى أيدى رؤساء مجالس إدارتها ثلاثين عاماً، فنسوا أنهم مديرون وتصوروها عزباً، ومن الطبيعى ألا يتمتع ناظر العزبة بحرص المالك الأصلى الذى تعب فى المال.

من المفترض أن هناك ممارسا لحقوق الملكية الشعبية لهذه المؤسسات اسمه مجلس الشورى، لكنه نام أو استنام كمؤسسة، وإن ظل فاعلاً فى شخص رئيسه، يؤمن المطلوب من هذه الصحافة تجاه النظام، بينما تركها كمؤسسات اقتصادية تتداعى تحت عمليات البيع المشبوهة والتوسعات والتجديدات السفيهة، والتجارة فى كل شىء من تسقيع الأراضى إلى التعليم، وشراء مطبوعات تافهة(وكأنها عاجزة عن إصدار مثلها) ثم بدأ الاتجار والسمسرة فى المدخولات الأساسية لهذه المؤسسات مثل بيع الإعلانات للوكالات الخاصة.

كل هذا وممثل الشعب مستريح. وللحق، لم يسكت العاملون على هذا التبديد لمستقبل مؤسساتهم؛ فامتلأت المحاكم بالدعاوى القضائية فى كل مناسبة بيع أو شراء مشبوهة، وبسبب تجاوز القيادات للسن القانونية. ولم يأخذ القانون مجراه فى أى مناسبة من هذه المناسبات، وهذا مؤشر على الحال القانونية للدولة.

لكن الضغط حرك السياسة، استيقظ الممثل مكرهاً منذ أربع سنوات وعين القيادات الجديدة، ووضع فى أيديها المؤسسات بالثقة ذاتها وبالانفلات نفسه، حتى كانت نوبة الصحيان التالية التى أتت برياح الدمج.

وكتب زملاء كثيرون يستغيثون، وكتبت فى هذه المساحة محذراً من دمج الصحافة على طريقة محلات ببنزايون عدس ريفولى، التى تسارع موتها بالاندماج، بينما كانت كل شركة على حدة قادرة على ضبط دفاترها.

ولكن يبدو أن لخبطة الدفاتر هو المراد من دمج الصحافة، التى لم تحظ، حتى، بالانضباط الذى حظيت به عملية دمج محلات النوفوتيه، من حيث تقدير أصول كل منها وهياكل الإدارة ومستويات المرتبات فيها.

سار المشروع إلى نهايته باتفاق رؤساء مجالس الإدارة مع ممثل المالك، من دون أى اعتبار لرأى فزاعات الطيور فى هذه المؤسسات، مجالس الإدارة والجمعيات العمومية، التى تمثل عاملين حافظوا على بقاء المؤسسات المتعثرة المسماة بالرابحة.

فوجئنا بنشر القرار فى صحف الخميس، حيث تم دمج مؤسستى الشعب والتعاون بكامل الأصول والعمال والإداريين فى الشركة القومية للتوزيع، باستثناء الصحفيين الذين أرسلوهم بلا أصول مع مطبوعاتهم ٠المسائية من الشعب لدار أخبار اليوم، وصحيفتا التعاون من التعاون للأهرام.

لم يسأل أحد أحداً فى المؤسسات الباقية على قيد الحياة إن كان بمقدوره أن يسبح بمحتضر معلق فى رقبته؛ فهل غرق الاثنان هو المطلوب؟!

وإذا كان هذا الازدراء لآراء العاملين جائزا فى شركات النوفوتيه؛ فهل يجوز هذا فى مؤسسات عملها الأساسى قيادة الرأى العام؟!

غاب عن متخذى هذا القرار الفوقى مجموعة من الاعتبارات، أولها الاعتبار المهنى، حيث من المفترض أن الصحافة مدارس، ومن تربى فى مدرسة صحفية لا يستطيع أن يعمل بكفاءة فى ظل مدرسة أخرى.

هناك طرق صياغة وأولويات مختلفة فى تقدير عناصر الأهمية للمادة الصحفية تختلف من مدرسة إلى أخرى، ولتقريب المعنى من محلات النوفوتيه، هناك محل متخصص فى البياضات والمفارش، وآخر فى الملابس الداخلية وثالث فى فساتين السهرة، وخلط هذا بذاك ليس من صالح أى من المحلات الثلاثة!

ثانيا، هناك الاعتبار المالى، حيث تختلف المرتبات والبدلات من مؤسسة إلى أخرى. وقد نص القرار على احتفاظ القادمين بهياكلهم الإدارية ومميزاتهم المالية، من دون أن ينص على حقوق أصحاب الدور الأساسيين.

والجميع يعلم أن المؤسسات الخاسرة التى لم تكن تستطيع أن تتسول أرباحاً من الدولة، كان بوسعها أن تطلب المرتبات كما تريد؛ فبالغت فى العلاوات لتعويض الأرباح التى يتقاضاها العاملون فى المؤسسات المتوازنة، وإذا كان الضيف سيتمتع بالأرباح التى يحصل عليها المضيف، فليس من العدل أن يكون مرتب صاحب البيت أقل من مرتب الضيف المماثل له من حيث المؤهل العلمى وسنة التعيين، وهذا لم يراعه القرار.

وثالثاً، لا تحتاج المؤسستان المستقبلتان لصحفيين، ولا تنقصها القدرة على إصدار صحف كالقادمة إليها إن دعت الضرورة إلى ذلك. والمؤسستان لديهما ما يفوق قدرتيهما من شباب المتدربين الذين أمضى بعضهم أكثر من خمس سنوات معلقاً فى الهواء.

أما الأغرب من كل هذا فهو أن يأتى الضيف «إيد ورا وإيد قدام» لأن القرار بالتهجير جرده من حصته فى الأصول ودفع بها كلها إلى مؤسسة التوزيع؛ فأى عدل هذا؟

وأى أمل فى تغيير إذا كانت مؤسسات الرأى تقاد بهذه الطريقة؟!