من أول السطر إبراهيم عيسى / الدستور / 4 /6 / 2009 ربما لا يهمك أنني لم أحضر خطاب أوباما ولم أستجب لتلك الدعوة الكريمة التي جاءتني كغيري ممهورة باسم شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة، وربما لا تريد أن تعرف أسبابي لعدم المشاركة ولا الذهاب مع المدعوين للاستماع للرئيس الأمريكي، ومع ذلك فأنا أريد أن أقول لك، فتحملني: أولاً: أن تحضر، معناه أنك تشارك في مجاميع الجمهور التي يريدها أوباما ليقنع نفسه بأنه خاطب العالم الإسلامي والتي تريدها الحكومة المصرية كي تقول له: شوف إحنا في منتهي السماحة والديمقراطية إزاي وجئناك من كل قبيلة بساداتها وعبيدها! مع احترامي البالغ للذين حضروا وعلي رأسي من فوق وخصوصًا زملائي الذين يغطون الحدث باعتباره عملهم الواجب، فالحقيقة أن تكون جمهورًا يعني أنك تتواطأ في خلق صورة لامعة للسيد الأمريكي وتشارك اختياريًا في عملية تجميل قسرية! ثانيًا: أن تشارك، معناها أن المشكلة كانت جورج بوش فقط، وكأنه قد غار فأهلا وسهلا بالرئيس الأمريكي الجديد وبيتك ومطرحك وكلنا آذان صاغية، والحقيقة أن المشكلة لم تكن بوش إطلاقا، بل السياسة الأمريكية وممارسات واشنطن تجاه العالم ومنه العالم الإسلامي، أما وإنها لم تتغير حتي الآن ولم نر من أوباما سوي حملة علاقات عامة واسعة ومحترفة في تخطيطها وفي تنفيذها، فلم نشهد من الرجل أي اختلاف حقيقي وجذري سواء في احتلال العراق الذي تتراجع فيه وعوده عن الانسحاب كل يوم، فضلاً عن أن وعوده نفسها كانت عبارة عن إبقاء حوالي تسعين ألف جندي في العراق بعد أن يعلن الانسحاب . (الراجل بيهزر.. ولاحظ أنه بعدد أقل من هذا بكثير كانت إنجلترا تحتل مصر!) ثم زاد الرئيس الأمريكي عدد جنوده في أفغانستان ويخوض حربًا دموية وعنصرية ضد سكان إقليم سوات في باكستان ليس فيها سوي البشاعة بتخطيط وإشراف أمريكي وتنفيذ مشترك مع حكومة باكستان، كذلك تراجع الرجل بشكل مفضوح عن كل وعود التخلص من جوانتانامو ومعتقليها (مع ملاحظة أنه وعد بتوزيع المعتقلين علي دول أخري وكأنها مشكلة تسكين وليست قضية حقوق إنسان). أما قصته مع إسرائيل فهي عين الخداع؛ فالتسويق الإعلاني لخلافاته مع تل أبيب لا يجب أن يَخِيل علينا مهما بالغنا في تغفيلنا، ثم إن أصل الخلاف مضحك للغاية؛ فهو يريد من نتنياهو أن يكون معتدلا مثل إيهود أولمرت وتسيبي ليفني (وهما مجرما حرب وعنصريان تماما) وأن يوافق علي ما وافق عليه شارون (فيه أكتر من كده هزار.. أوباما يريد من نتنياهو أن يكون شارون )، أوباما يريد من الحكومة الإسرائيلية أن توافق علي حل الدولتين لا أن تحل الدولتين!! ثم يريدها أن توقف المستوطنات غير الشرعية وكأن هناك مستوطنات شرعية!! ثم يعدكم يا عرب بدولة فلسطينية كالمسخ المشوه ولكن بعد ثماني سنوات أي بعد انتهاء ولايته!! بذمتكم ماذا فعل أوباما كي نذهب جمهورًا له نستمع لسعادته ونصفق لسيادته؟! ثالثًا: يتحالف أوباما مع إسرائيل التي تحتل أطهر قطعة أرض في العالم الإسلامي، ويحتل بغداد من أعز العواصم في الحضارة الإسلامية، ويقتل كل يوم عشرات في باكستان وأفغانستان في قلب العالم الإسلامي، ويريد أن يمنع إيران الإسلامية من امتلاك قنبلة نووية مزعومة، حتي لا يحدث توازن رعب بين العالم الصهيوني والعالم الإسلامي، ثم يعادي قوي المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان التي تدافع عن شرف العالم الإسلامي، ومع ذلك نحضر له خطابًا للعالم الإسلامي! رابعًا: أوباما لم يفعل أي شيء للعالم غير الإسلامي حتي الآن؛ فلم نسمع عن توقيعه اتفاقية كويتو لإنقاذ البيئة، تلك التي رفض توقيعها بوش، ولا شارك في المحكمة الجنائية الدولية ولا في «مؤتمر ديربان» ضد العنصرية مثلا، حتي نقول إن الرجل فعل شيئا. خامسا: لا أعرف كيف تحول أوباما فجأة إلي الإمام الشافعي؛ فأنا أتابع كل يوم تقريبًا رسائل موجهة من جهات وشخصيات لأوباما تطلب منه وتطالبه، وكأنه الإمام الشافعي الذي يتلقي الرسائل التي يودعها في ضريحه كل يوم المحتاجون والمتوسلون والمظلومون والعقيمات الباحثات عن حمل وولد! رسائل من شخصيات معارضة للحكم وأخري مؤيدة للحكم، ومن منظمات حقوقية ومن جهات صحفية، وحتي من أقباط وبهائيين ومسلمين، وكأننا مسلوبو الإرادة والقدرة وننتظر من أوباما - رضي الله عنه - (ألم يأت لمخاطبة العالم الإسلامي) - أن يستجيب!! لهذا قررت أن أسمع الخطاب، لا أن أحضره وأصحح إذن رقم الحضور من 2500 شخص إلي 2499 وإن كنت أتمني ألا يكون مقعدي المقعد الخالي الوحيد! |
الخميس، 4 يونيو 2009
لماذا رفض إبراهيم عيسى حضور مولد سيدنا أوباما
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق