لا يستطيع أحد أن ينكر ان شجرة النفاق ترعرعت.. وألقت بسمومها وفيروساتها علي كثير من مواقعنا الوظيفية.. وانتشرت كالوباء حتي طالت تجمعات الصفوة والنخبة أيضا!
لم أتصور أن يصل حد الغضب من تعاظم تلك الظاهرة الغريبة علي مجتمعنا أن يكتب أحد قيادات وزارة الصحة وهو الطبيب الكبير الدكتور عبدالحميد أباظة في إحدي جرائد المعارضة مقالا يتضمن روشتة نصائح لمساعدة المنافقين علي تحقيق حلمهم في الحصول علي امتيازات وحوافز وترقيات واعتلاء مناصب ووظائف عليا لا يستحقونها!
الدكتور عبدالحميد أباظة كان رئيسا للهيئة العامة للمستشفيات التعليمية.. وأدي دوره بنجاح يؤهله للترقي إلي المنصب التالي لها كمساعد وزير لشئون العلاج.. لكن للأسف لم يحالفه الحظ.. ولم يسانده أصحاب القرار.. واختاره الوزير ليكون رئيسا لما يسمي بالإدارة المركزية للاتصال السياسي.. وتلك مهمتها تنفيذ تأشيرات السيد الدكتور وزير الصحة لنواب البرلمان في مجلسي الشعب والشوري.. والخاصة بعلاج المواطنين علي نفقة الدولة.. وهي وظيفة تعد بمثابة عقاب لمن يتولاها.. لأنه يصبح في مواجهة يومية مع المرضي المحتاجين لها.. ومع السادة المنتفعين من ورائها أيضا!
الدكتور أباظة ومن خلال تجربته الوظيفية الطويلة.. وخبرته التي اكتسبها بالإدارة في وظائفه السابقة.. وموقعه الذي مازال يشغله.. وجد انه يمكن لصاحب المنصب الكبير أن يحتفظ به رغم عدم كفاءته.. ورغم التجاوزات والأخطاء الموجودة ضده.. إذا ما اتبع الوصايا العشر التي قدمها لنا الدكتور أباظة للاحتفاظ بالكرسي والمنصب.. وهي تعد أول روشتة يقدمها لنا مسئول مهم للاسترشاد بها علي طريق النفاق العام!
أولها.. ان تحاول إرضاء من يملك القرار وإسعاده حتي بالكذب والنفاق وتنفيذ تعليماته مهما كانت ضد المبادئ والقواعد!
ثانيها.. ألا تهتم بزملائك ومن هم تحت إدارتك فكلهم خدم في فريق عمل هدفه تجميل صورتك.. وإبقاؤك علي الكرسي!
ثالثها.. ألا تبتسم.. وأن تلبس وجها جامدا متحجرا وتستخدم ألفاظا عنيفة ونابية لتخويف من حولك!
رابعها.. ان تجمع حولك بطانة من الأصدقاء والمعارف والأقارب إن أمكن.. وتضع سكرتارية فظة وسيئة الخلق تفرض حولك سياجا من حديد.. وتحيطك بهالة من الرهبة تمنع وصول الآخرين إليك!
خامسها.. عليك أن تشتري إعلاما مأجورا يشيد بأعمالك وإنجازاتك غير الحقيقية!
سادسها.. ألا تهتم بإرضاء من تحت رئاستك.. ولا تحقيق مطالب الآخرين.. أو تنفيذ الأجندة العامة لأي موضوع.. وأن تعمل لحساب أجندتك الخاصة فقط ماليا وأدبيا!
سابعها.. عليك ألا تكترث بأي نقد.. وضع في اعتبارك ان أصحابه حاقدون.. وشامتون.. وحاسدون.. والمهم ان تحرص علي تجميل صورتك أمام رؤسائك وأن يكونوا راضين عنك!
ثامنها.. تجسس علي زملائك.. وانقل أخطاءهم.. وساعد في تنفيذ هواية ذبح الكفاءات تحت مسمي التطوير.. وأحب من يحبه رؤساؤك. واكره من يكرهونه..وضعهم في القائمة السوداء!
تاسعها.. أغدق بالأموال علي بطانتك لتضمن ولاءهم.. ولا تخش الجهات الرقابية مادمت حريصا علي استيفاء أوراقها!
عاشرها.. نفذ الأجندات الخاصة لأصحاب الكلمة المسموعة لأنهم الضمان لاستمرارك!
المهم: انه بعد تلك الوصايا العشر.. فإن صاحبها يؤكد انه لم يستطع تنفيذها.. ولو كان نفذ بعضها لأمكنه تغيير حاله وأموره كلها..!
أحيي الدكتور أباظة علي شجاعته وصراحته وجرأته في إثارة قضية مهمة يعكر غبارها المسموم الجو العام فعلا.. وأشاركه الرأي أن الأحوال قد تتغير.. والأشخاص يرحلون.. ويتبدل الديكور والأجواء.. لكن يبقي المضمون قائما.. ومعه »الوصايا العشر« التي تصلح لكل زمان.. ولمن يريد الاحتفاظ بالمنصب.. في مصر التي لا نعرفها!
تهانى إبراهيم / أخبار اليوم / 1 / 8 / 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق