سلوى الخطيب تكتب فى الدستور
أموت.. وأعرف.. ما مواصفات الموظف الذي أجره الشهري مليون جنيه وأحيانا أكثر.. سواء كان هذا الموظف في قطاع الأعمال «العام سابقا» أو القطاع الخاص أو المؤسسات ذات الطبيعة الخاصة.هل هي مثلا الدكتوراه أو ما يماثلها؟ هناك آلاف مؤلفة حاصلون علي الدكتوراه ومنهم من حصل عليها من أعرق الجامعات، وأجورهم لا تكفي حتي آخر الشهر.هل هي الخبرة؟ لدينا أعداد كبيرة يحصلون علي الخبرة المتراكمة في مجال عملهم مع مرور السنين، ورواتبهم لا تكفي لشراء 10 كيلو لحمة.
هل هي صفات شخصية مثل القدرة علي القيادة والذكاء وقوة الشخصية والتميز وسعة الأفق وحسن المظهر؟ بالتأكيد مصر تملك مئات الألوف يتصفون بهذه الصفات.هل هي أدوات العمل الحديثة مثل إجادة اللغات والكمبيوتر والأساليب المتطورة؟ هؤلاء أكثر من الهم علي القلب.أخيراً هل هي الواسطة؟ كل المصريين لديهم واسطة بدرجة مختلفة حسب موقعه الاجتماعي.
إذن لا العلم ولا الخبرة ولا الشخصية ولا الأساليب الحديثة ولا حتي الواسطة، هي الطريق لهذه الوظائف الخاصة جدا والتي انتشرت وأصبحت مستفزة للناس حيث يعرفون أن فلانا راتبه مليون جنيه وشوية رغم أنه لا يمتلك صفات سوبر، بل علي العكس أداؤه السابق لم يكن ناجحاً، بل شابه الكثير من الشبهات التي وصلت إلي مرحلة القضايا.اكتشفنا مؤخرا أن هناك وظائف كثيرة راتبها مليون جنيه وأكثر، في هيئات مثل قناة السويس وشركات وزارة البترول والإعلام القومي، خاصة التليفزيون المصري، فإذا كانت الحجة في قناة السويس والبترول أن دخلهما كبير مما يمكنهما من تغطية هذه الرواتب المستفزة،
فالكل يعرف أن الصحف القومية والتليفزيون المصري يتعرضون لخسائر كبيرة وهذه الرواتب تضيف إلي الخسائر وتضخمها، وبالطبع معيار النجاح الاقتصادي والمالي لا ينطبق علي الصحف القومية والتليفزيون المصري، وإذا كان هناك نجاح جماهيري فهو بفضل الكتاب والصحفيين والمذيعين والمعدين وبقية فريق العمل الفني، ورغم ذلك هؤلاء يحصلون علي رواتب هزيلة وعلي سبيل المثال الصحفي بعد خدمة ثلاثين عاماً يصل راتبه إلي حوالي ألفي جنيه، بينما نسمع عن أرقام خيالية من رواتب رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات، بالإضافة إلي عمولات وحوافز غير محددة بحد أعلي.
والحديث عن ضخامة دخل قناة السويس وشركات البترول لا يبرر أبدا الرواتب الغريبة التي يحصلون عليها، فهي في النهاية مرافق عامة يملكها الشعب، ولا فضل لقيادتها في مستوي دخولها وإنما الفضل يعود إلي طبيعتها وإلي الأسعار العالمية، ويعود لمن حفروها واكتشفوها وهم من أبناء الشعب المصري محدودي الدخل.إن ظاهرة الرواتب الكبيرة والمبالغ فيها التي ابتدعها القطاع الخاص ليست مبررة،
حيث إن مستوي الخدمة مثلا في البنوك الأجنبية وشركات الاتصالات وشركات البناء لا يختلف كثيرا عن مثيلتها في القطاع العام.وهذه الدخول الكبيرة كانت لها آثار اقتصادية سيئة حيث أفرزت طبقة من الشباب خلقوا سوقا موازية لسلع يستخدمونها هم فقط، ولكنها أثرت في مستوي الأسعار،
ولها آثار اجتماعية خطيرة حيث أصبح دخل الابن أو الابنة أضعاف دخل الأب الموظف مما أخل بقيم الأسرة المصرية.أقترح أن نوظف شخصاً كل شهر في وظائف المليون جنيه وبذلك نرفع دخل المصريين جميعا، خاصة أن هذه الوظائف شرفية ولا تتطلب أي إمكانات خاصة، لذلك أنتظر أن أكون أول من يحصل علي مليون جنيه في شهر واحد في عمري، أو ليقل لي أحد ما السر؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق