الأربعاء، 2 سبتمبر 2009

مفاوضات مع المعارضة لدعم التوريث

حسام أبو طالب يكتب فى 'القدس العربي'
// بدأ الفريق المكلف بالإعداد لتصعيد جمال مبارك لتولي رئاسة البلاد خلفا لوالده مؤخراً وفي سرية شديدة مفاوضات مكثفة مع قوى المعارضة المختلفة من أجل إقناعها بعدم معارضة سيناريو التوريث.
ويحرص ذلك الفريق على إجراء عمليات جس نبض للقوى الحية في المجتمع.وعلمت 'القدس العربي' من مصادر بارزة في حزب التجمع بأن مفاوضات جرت بالفعل بين رئيس الحزب رفعت السعيد وقيادي بارز في أمانة السياسات بالحزب الحاكم يتبوأ منصباً قيادياً لمعرفة رأي الحزب من وصول جمال مبارك لحكم البلاد.وبالرغم من رفض كافة القوى داخل التجمع توريث الحكم،
إلا أن عدداً من القيادات التاريخية في الحزب وعلى رأسها رفعت السعيد يؤكدون صراحة بأنهم إذا وجدوا أنفسهم في مقارنة بين مبارك الإبن والإخوان المسلمين فإنهم على الفور سوف يقبلون بجمال.ويشارك محمود محيي الدين وزير الإقتصاد وصديق جمال مبارك والذي له جذور عائلية بقيادات التجمع التاريخية في المفاوضات من أجل الحصول على موافقة نهائية مفادها أن التجمع سيصوت لصالح جمال وأنه لن يدعو لمظاهرات ضد توريث الحكم.وفي السياق ذاته بدأت أطراف داخل الحزب الحاكم بجس نبض أطراف داخل حزب الوفد اقدم الأحزاب المصرية من أجل معرفة رأي الهيئة العليا للحزب في نقل السلطة والثمن الذي من الممكن أن يسفر عن مضي ذلك المشروع بدون مشاكل.
ويبدو موقف الهيئة العليا للحزب غير مرحباً به تجاه التصويت لصالح جمال مبارك وإن كانت بعض القيادات تقبل الدخول في صفقة من أجل التنسيق مع النظام مقابل بعض الإنجازات.وفي سياق متصل فوجئت نخب المعارضة بتراجع محمد أنور السادات عضو البرلمان السابق ووكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية تحت التأسيس عن موقفه السابق بشأن رفضه نقل السلطة وقبوله بمضي قطارالتوريث لمحطته الأخيرة،
وفي هذا السياق أصدر أمس بياناً يعد تحولا لافتا في موقفه من عملية 'توريث السلطة' في مصر.وفي صدارة البيان أكد صراحة أنه تراجع عن رفضه لوصول جمال مبارك إلى الحكم خلفا لوالده، مشيراً إلى أنه لا يوجد هناك بديل يصلح لقيادة مصر في المرحلة القادمة، في ظل ما وصفها بحالة الفوضى والعشوائية والصراعات المتتالية في صفوف المعارضة والمستقلين.جاء ذلك رغم إقراره في البيان الذي أعلن فيه دعم ترشح جمال مبارك الأمين العام المساعد وأمين السياسات بالحزب 'الوطني' أن 'ثقة الناس صارت معدومة في أغلب قيادات الحزب 'الوطني' خاصةً بعد استطلاعاته 'المزيفة وحواراته الناقصة وتجنيه على مشاعر المواطنين وغيابه عن الشارع والجمهور'.
واضاف 'باعتباري من الرافضين لمبدأ التوريث ولو بالدستور والقانون أصبح لزاما على المجتمع أن يختار بعناية وتأمل وفحص دقيق بعدما أكل حتى شبع من الوعود التي لا تلبث أن تختفي بمجرد الوصول إلى كرسي الزعامة، وكان على النخب السياسية أن تجمع قواها وتستعيد شعبيتها وتؤيد بعد اتفاق وإجماع مرشحا واحداً تسانده وتقف عوناً له طالما رأت أنه يجمع كل المميزات التي تؤهله لهذا المنصب وطالما توسمت تلك النخب فيه الصلاح والاتزان'.لكنه وعلى ما يبدو لا يرى المرشح التوافقي الذي تجمع عليه قوى المعارضة في مصر، بعدما أشار إلى أن هناك حالة من 'الفوضى والعشوائية والصراعات المتتالية في صفوف المعارضة والمستقلين في وقت هي أحوج ما تكون فيه لأن تتوحد وتظهر وكأنها على قلب رجل واحد في ثباتها واختيارها لمن يمثلها ويؤمن بآرائها'.اضاف السادات في بيانه
'لم أجد حتى الآن بديلاً يطرح نفسه بصدق ونطمئن إليه في قيادة مصرنا المحروسة خلال الفترة القادمة، والتي أتوقع أن تكون نقطة تحول في تاريخ مصر المعاصر، فسمحت لنفسي أن أشرد قليلاً وأتقبل فكرة ترشيح جمال مبارك أو أي سياسي آخر على أن يطل علينا ببرنامج انتخابي يتعهد بتنفيذه في وقت زمني محدد'.واقترح أن يتضمن هذا البرنامج 'تفعيلاً أكثر لأنظمة المشاركة السياسية من خلال إجراء انتخابات حرة نزيهة تحت إشراف قضائي وإعلامي وحقوقي ودولي، ووضع دستور جديد من خلال جمعية منتخبة ممثلة لشعب مصر، والنظر عن قرب للفقراء ومحدودي الدخل، وإلغاء قانون الطوارئ وحظر الأنشطة الأمنية داخل المجال السياسي، والتأكيد على حرية ممارسة السياسة للجميع في أي مكان مع استقلال تام للسلطة القضائية'.وطالب كذلك أن يتضمن البرنامج الرئاسي المقترح 'دعما لمبدأ الشفافية والمحاسبة في كل الجهات الحكومية وتقليص سلطات رئيس الجمهورية على النمط الغربي، بما يحقق سيادة القانون وتوزيعاً عادلاً للدخل وثروات مصر المسلوبة والسعي الدائم لجعل مصر دولة جاذبة غير طاردة لشبابها ولنا محاسبته أمام الشعب إن لم يحقق هذه الوعود'
.وبسبب يقينه بأن رأيه سيثير غضب المعارضة بسبب تخليه عن معارضته لترشح جمال مبارك، إختار عضو البرلمان السابق أن يطلب الصفح من الجميع في ختام بيانه 'معذرةً تيارات المعارضة والمستقلين إن كنت أواجهكم بالحقيقة وإن غضبتم مني فليس مرادي أن أغضبكم'. واستدرك قائلا: 'لكن لكوني واحداً منكم أريد أن تتحد صفوفنا وأن تتضافر جهودنا وأن ننسى خلافاتنا وصراعاتنا من أجل مستقبل مصر
وأن يرانا الجميع من منظور مشرف يليق بنا، وإلا فليس أمامنا غير التنحي وترك المجال للأجيال القادمة، طالما أننا لم نعد نجد في صفوفنا مرشحا جادا نتفق عليه وما زالت التجاوزات مستمرة والتشتت قائما، وذلك ما أود أن ينتهي وأن نعلن حالة الإتحاد والعمل لتعد صفوفنا مثار إعجاب وثقة كما كانت في السابق'.وفي تصريحات خاصة لـ'القدس العربي' توقع الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق أن يقبل العديد من أحزاب المعارضة التقليدية عقد الصفقات مع مؤسسة الرئاسة من أجل تمرير سيناريو التوريث مقابل الحصول على بعض المكتسبات.وتوقع أن يقوم النظام بتوزيع عدد من مقاعد البرلمان لأحزاب المعارضة من أجل ضمان نقل آمن للسلطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق