حنان شومان تكتب فى الفجر /
أفتقد صوت النقشبندي وفانوس رمضان المصري بزجاجه الملون والشمعة الصغيرة وفوازير شريهان ونيللي وصوت الشيخ محمد رفعت وهو يؤذن لصلاة المغرب، افتقد رائحة رمضان الذي كان.. افتقد فكرة أن رمضان كان يعني لي ولكل المصريين مسلسلا أو اثنين مثل صيام صيام أو ليالي الحلمية وأن هذه المسلسلات كانت تمثل درة المشاهدة،
وأشعر بكثير من الغيرة من هؤلاء الذين كانوا يعملون بالنقد في ذاك الزمان لأن لم يكن لديهم كثير من الاعمال الفنية لمشاهدتها والكتابة عنها فزمانهم كان أكثر «رواقة ومزاج».. ولولا التجاوز لكنت قلت كما يقول مصطفي حسين علي لسان شخصياته الكاريكاتيرية: «جتنا نيله في حظنا الهباب».
ولأنني لا استطيع الزعم بأي حال أنني امرأة خارقة ومشاهدة وناقدة فولاذية تستطيع أن تتابع عشرات من الاعمال الفنية الدرامية المعروضة في رمضان مما يؤهلني لنقدها بشكل كامل فاكتفي بالحديث عن أزمة اجتماعية عويصة تشعر بها النساء منذ بداية رمضان وتتفاقم كلما مرت أيامه وعرض التليفزيون مسلسلاته.
أكثر من ثلاثة عشر مسلسلا من بينها «علشان مليش غيرك» و«خاص جدا» و«الباطنية» و«ابن الارندلي» و«أفراح إبليس» و«تاجر السعادة» و«قانون المراغي» وغيرها تحكي من بين أحداثها حكاية المرأة الثانية والثالثة وربما الرابعة في حياة الرجل وكأنها تؤصل لفكرة أن امرأة واحدة لاتكفي.
كل الرجال في كل مسلسلات رمضان علي اختلاف اعمارهم أو مستوياتهم الاجتماعية ما بين طبقة غنية أو متوسطة أو حتي معدمة، كما في تاجر السعادة تجد فيها رجلا أو اكثر زوجا لأكثر من امرأة، وحتي مع اختلاف الأزمنة ما بين زمن المصراوية إلي زمن خاص جدا تجد الرجل الذي يهجر المرأة لأخري أو يجمع بين اكثر من امرأة.
ولو أن متابعا غريبا شاهد مسلسلات رمضان المصرية وقرر أن يستخلص منها بعض مقومات المجتمع المصري يقرر أن المرأة المصرية مسكينة ودائما واخده بمبه من رجل هو زوج أو حبيب ولافرق في ذلك بين متعلم أو جاهل وكبير أو صغير وغني أو فقير.
والسؤال هل الدراما التليفزيونية التي تحظي بكثافة عالية في المشاهدة وكتابها هم المذنبون في حق المجتمع والمرأة ويعودون بنا إلي زمن زوج الأربعة، أم أن الكتاب والدراما انعكاس لواقع يفرض عليهم تصويره، وأن الحقيقة أن المجتمع المصري بل والغربي يعود إلي الوراء سنوات وسنوات ليس فقط في الفكر الأصولي ولكن أيضا في جوهر العلاقة الاساسية للبشرية وهي علاقة الرجل والمرأة؟
الاجابة ليست بالتأكيد بنفس سهولة طرح السؤال ولكني أظن أن كتاب الدراما عكسوا بعضا من الواقع.
هناك مثل عامي يقول: «خذوا فالكم من عيالكم» ولكن في مصر كما في كل العالم الناس يأخذون فألهم ويأخذون قيمهم من نجومهم وقادتهم ومثلهم الأعلي.
في مصر المثل الأعلي والنجوم هم أهل المال والسطوة وبعض من السياسيين وكل هؤلاء مع قليل من الاستثناء لايكتفون بامرأة واحدة ولا اثنتين ولا حتي ثلاث، والإعلام صار وحشا كاسرا يستطيع أن يدخل حتي غرف النوم والحمامات، وبالتالي ينقل للعامة تنقل الرجال من امرأة لأخري سواء بالزواج كما في حال أحمد عز مثلا وهو رجل السياسة الأبرز، أو كما حدث مع حسام أبوالفتوح أو هشام طلعت مصطفي ورامي لكح وعشرات بل مئات ومئات من أسماء رنانة في دنيا السياسية والمال وكذلك الفن.
ويحضرني هنا ما حدث منذ سنوات حين عُرض مسلسل الحاج متولي الذي كتبه مصطفي محرم وعُرض منذ سنوات وقامت الدنيا ولم تقعد بسبب ذلك المسلسل وكيف انتفض المجلس القومي للمرأة وغيره من الجمعيات النسائية تطالب بمنعه وتتهمه بترويج أفكار هدامة في المجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق