الأحد، 18 أكتوبر 2009

مصر مشغولة بمرشحها للرئاسة


ليس مبكرًا الإعلان عن الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة من الآن، بل من حق الذي أعلن ويعلن ترشيحه أن يشكل حملته الانتخابية منذ هذه اللحظة ويبدأ في الندوات والمؤتمرات والجولات لعرض نفسه وأفكاره ومشروعه علي جماهير بلده وناخبي وطنه، فالحقيقة أن أقل من عامين علي إجراء هذه الانتخابات وفي مجتمع مثل مصر لم يتعود علي الانتخابات الرئاسية التعددية

ويريدها نظام الحكم الحالي تمثيلية ومسرحية تنتهي بفوز مزور سريع وعاجل وبلا خوتة دماغ لمرشحه الرسمي، يصبح الإعلان المبكر مهمًا للغاية والإعلام عن المرشح والإعلان عن نفسه في غاية الأهمية، فالجمود الذي نحياه مع تصور الكثيرين أن الرئيس مبارك أو نجله قضاء وقدر لا يمكن التغلب عليه، يحتاج من أي مرشح لجهد زمني وسياسي ودعائي مضاعف، طبعًا لن أقول إن في الدول الديمقراطية المحترمة الإعلان المبكر متعارف عليه ومسموح به وطبيعي تمامًا،

لكن عندنا الأمر مختلف فمصر ليست دولة محترمة ديمقراطيًا بل هي دولة استبداد وتزوير وهذا يجعل الناس مرعوبة من ممارسة حقها وكل الشخصيات التي تنوي أو تفكر في ترشيح نفسها تحجم عن الإعلان إما لخوفها وترددها أو بسبب يأسها من الاستجابة أو للحذر من أن تلجأ الدولة إلي ملاعيبها الانتقامية أو أساليبها الاغتيالية سواء اغتيال السمعة والسيرة أو الحرق المبكر للشخصية أو التهديد والتلويح بالخشونة والعنف، والمؤسف أن من يتمتع بهذه الصفات الحذرة والوجلة والمترددة يبدو فاقدًا أهم ميزة يحتاجها المصريون في مرشحهم حين يواجه تراث الاستبداد والتزوير

أن يكون مناضلاً للتغيير ومواجهًا للمخاطر ومستعدًا للاحتمال ومصممًا علي المسيرة.
الحاصل أن أسماء كثيرة تبرز هذه الأيام علي قائمة الترشح للرئاسة وهذا تطور لافت، أولاً: فهو يعني انشغال الشعب المصري بقضية رئيسهم القادم، وأنه ليس مُسلِّمًا بالرئيس أو نجله ولا مستسلمًا أمام واقع جامد يحاول أن يفرض الركود والجمود والأمر الواقع علي المصريين، ثانيًا: أن هذا يعني أن الموعد قد حان وليس الأمر بعيدًا لننتظره بل عاجل لنتعجله ونسعي إليه،

ثالثًا: إن هذا ينهي أسطورة روَّج لها منافقو الرئيس وشغيلة خلية النحل المحيطة بنجل الرئيس أنه لا أحد يصلح ومين ممكن يعني ييجي؟ وهذه الترهات التي يحب أن تقولها شخصيات تعري ولاءها بادعاء حيادها حين تقلب عيونها أمام الكاميرات وتحدثنا عن مؤهلات جمال مبارك التي هي أنه ابن الرئيس وأنه نشيط في الحزب الوطني، بينما الحزب الوطني كله علي بعضه نشيطه مثل كسلانه لا يعملان بالسياسة بل يشتغلان في جهاز الدولة، فالحزب مصلحة حكومية تحتشد بالموظفين ورجال الأعمال الذين يحمون مصالحهم أو ينفخون ثرواتهم بالوجود في جهاز السلطة الذي لا يملك مصداقية بربع جنيه في الشارع المصري،

إذن وجود أسماء عديدة للمرشحين وكلها محترمة وذات حيثية وخبرات في عالم السياسة والعمل العام يمحو بأستيكة هذا السطر الممجوج السخيف في حياتنا بتاع (ممكن ييجي مين غير الرئيس مبارك؟!) ونرد عليه بـ «ييجي اللي ييجي، ييجي من تنتخبه من هؤلاء المرشحين الذين يقدمون أنفسهم لناخبيهم»!

وأستطيع أن أقول إن فرص الدكتور محمد البرادعي تتصاعد وأن إجاباته عن الترشح للرئاسة هي دبلوماسية لكنها ليست ممانعة إطلاقًا وأحسب أن حماسًا إضافيًا قد أضفاه هذا التيار المرحب بالرجل في جميع الأوساط السياسية والشعبية عبر الإنترنت والخطابات الشخصية للبرادعي ومجموعات الفيس بوك، والعائق الوحيد أمام إعلان صريح من الدكتور البرادعي بترشيح نفسه فعلاً هو الحذر من تصرفات إجهاضية للنظام مع توجس تقليدي لدي الرجل من أفاعيل الدولة المصرية،

ولعل هذا الحذر قد يسحب من الرجل بعض التأييد الجارف، فنموذج سعد زغلول الذي لم يتأخر لحظة (وقد كان في مثل سن البرادعي عند الاستجابة لنداء الشعب) قد لا يتكرر إلا إذا أراد البرادعي أن يكونه مع مراعاة فروق التوقيت!
غير البرادعي يظهر اسمان عاقدا النية ومعلنا العزم، واحد يعطله عائق قانوني أما الثاني فيعوقه شكل قانوني لكن كليهما يعملان في الشارع بقوة وبجدارة تستحق الإعجاب..... وبإعجاب يستحق القلق!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق